أعلام فنية خالدة(02 ) : الحاج محمد بن يحيى أوتزناخت
من ثخوم الصحراء ،هنالك بالجنوب الشرقي وتحديدا في الحد الفاصل بين سوس الكبير ودرعة ، سيبزغ اسم فني بارز ،نحث اسمه فوق صخور فن ترويسا ، وسيظل لمعان اسمه يتحدى الأزمان وتوالي الأجيال .. الأمر يتعلق بالرايس المرحوم الحاج بن يحيى وتزناخت والمعروف عند أهل سوس “ببولاطيار”نسبة الى رائعته حول الطيور .
هذا الفنان الكبير الذي صنفه الرايس والناقد المرحوم حماد اوتمراغت – الذي حدد طبقات ترويسا في :(علماء ن أمارك ، فقهاء ن امارك ، الطلبا ن امارك ، امحضارن ن امارك -في طبقة الكبار اي علماء ن امارك مضيفا انه لو وظف تشلحيت نسوس لكان له انتشار أكبر في صفوف عشاق أمارك ن الروايس ).
الحاج محمد بن يحيى اوتزناخت جمع بين الكلمة الهادفة المرصوصة في بناء أغانيه وسمو المعاني إيمانا منه بوظيفة رسالة ترويسا في نشر الوعي وحث النفس على التشبت بالفضائل.
الفنان بن يحيى وتزناخت لم يعرف تحديدا تاريخ ولادته ولكن مؤشرات دالة على انه من مواليد اواخر القرن الثامن عشر ،حيث خص أحد رموز المقاومة ضد الاستعمار بأغنية – احمد الهيبة – وبذلك يكون من الرعيل الاول لجيل الروايس إبان بداية عهد التسجيل . وولد بقرية تاگنكوت، قبيلة ايت ضوشن بتازناخت وهناك قضى طفولته ليتصل بأستاذه في مجال ترويسا الرايس عبد الله بن الفاطمي اوݣ اولݣوم إحدى قبائل “أسيف ن أوحميدي” التابعة إداريا حاليا إلى اقليم طاطا ، ومنه تعلم العزف على آلة الرباب ليفترقا فيما بعد ومن تم أسس لنفسه طريقته على منوال مشاهير تلك الحقبة أمثال الحاج بلعيد و الحسين جانتي، ج وبدأ في التجوال في ربوع المغرب الشرقي وأكد لي شيوخ أنه زار دواوير درعة وإقليم ورزازات منذ الثلاثينيات من القرن الماضي.
المرحوم ابن يحيى ومن خلال منجزه الغنائي تظهر سمة بارزة يكاد ينفرد بها هذا الفنان الا وهي سمة الحكمة ، ففي ثنايا قصائده درر كلامية تدل على خبرته وسخاء تجاربه الحياتية أهلته إلى ممارسة خطاب القول الشعري من موقع المجرب والمخبر لتحولات الزمان ، وقد أفاده في اعتقادي سعة الإطلاع خصوصا في المجال الديني إذ يخال اليك أنك في أحايين كثيرة أمام فقيه ينصح ويوجه ويذكر .. الحاج بن يحيى لم تصلنا كل انتاجاته الغزيرة التي غطت أغراضا شعرية كثيرة لأسباب ،طبعا، ترجع إلى ظروف التسجيل وما رافق ذلك من الصعوبة خلال العهد الاستعماري .
سيظل هذا العلم بارزا ومؤسسا حقيقيا لنمط من أنماط فن ترويسا معتمدا على توظيف أفراد العائلة وتلقينهم لمبادىء هذا الفن ولنا في ابنه الحسين انموذج لخريج هذه المدرسة بخصائصها المعتزة بلغة محلية بعيدا عن التنميق ، بل ساهمت في انفتاح مناطق الجنوب الشرقي على سوس الكبير وقربت بين القبائل المختلفة التي تتحدث “بتشلحيت “.
ومن اشهر انتاجانه:مطولة لاطيار ، نوسيد القلم ،نطالبك اسيدي ربي ،الطيف يا لطيف…وقصائد كثيرة ..جدد الله الرحمة على الرايس الحاج محمد بن يحيى اوتزناخت .
بقلم : ذ. محمد ايت بن علي
لا تعليق