أعلام فنية خالدة (03): فاطمة تحيحيت مقورن
اشتهرت منطقة إحاحان ببزوع العديد من أهل الفن وتحديدا في فن ترويسا ، فقد اشتهرت أسماء ورسخت الحضور بالكثير من الابداع الفني سيظل شاهدا على التفرد والتميز . ومن الاسماء التي ستسلط هذه المقالة الضوء عليه،اسم مؤنت لن يجادل أحد على أنه الصوت الطروب الذي أدى رسالته الفنية في سنوات معدودة ليرحل بعيدا عن مجال ترويسا ، رحل ليعيش وضعه الأسري الجديد بعد عطاء باذخ موسوم بالأصالة أداء ولحنا ومظهرا .
لقد شكل ظهورها الى جانب أخريات تحديا في مجال غالبية المنتسبين إليه من الجنس الأخر فكان الظهور صعبا إن لم تكن الشخصية قوية ومتمتعة بأسباب وشروط الوجود في وسط ذكوري بامتياز .
الحديث في هذه المقالة سيدور حول الفنانة فاطمة حسن بنت محمد بن حمو -والمعروفة فنيا بتحيحي مقورن /مجاهد – التي ولدت بدوار تيفراضين – أيت داوود بإحاحان، ونشأت بين أحضان اب مهووس بحب الفن ، وكان يستقبل في منزله الروايس الذين يزورون منطقة أيت وداوود ،كالراحل الحاج محمد البنيسر و رفاقه .
بدأت مسارها في نهاية الستينيات باكاديروتحديدا سنة 1969 حين لجأت إلى عمتها بعد خروجها من تجربة زواج فاشل -حسب الأستاذ الإعلامي محمد ولكاش -والتحقت بالحاج محمد أتولوكلت وجامع الحامدي بالدشيرة واستمرت في مدرسة هذا الاخير الى حدود لقائها بالبنسر أوائل سنة 1974 وكانت قد حضرت مجموعة أغاني من تأليف الحاج حماد الريح ( تسا اصبر بزيز ، اوركيغ ابابا تموزونت ، اركا يلا المسواك )، ليساعدها البنسير في تسجيل أولى اعمالها لشركة كتبية فون ، وتلتحق بعد ذلك رسميا بفرقة البنسير بالدار البيضاء، وهناك ستلقى انتشارا واسعا في صفوف عشاق الأغنية الأصيلة، وقد مكنتها قدراتها وأمكاناتها هالصوتية وطبيعة شخصيتها المطبوعة على الوفاء من تسلق سلم المجد الفني سريعا لتخلد في زمن قياسي ارثا فنيا خالدا .
فاطمة مجاهد لاتزال تعيش بيننا فنيا رغم قرار الإعتزال الاختياري ،فصوتها الشجي لايزال يطرب الآلاف من عشاق ترويسا ، والأقبال يزداد على سماع أغانيها الخالدة التي زادتها نغمات رباب البنيسر متعة . ولاشك ان سر هذا الخلود راجع الى حسن اختيارها لمواضيع أغانيها وتعاملها مع شعراء كبار أمثال أحمد الريج ، محمد البنسير ، محمد بويسموموين … وألحان في منتهى الروعة اضافة الى قوة صوتها الذي كان في غنى عن المؤثرات والمحسنات الصوتية .
ومن حسنات هذه الايقونة- فاطمة حسن – أنها مهدت الطريق لفنانات أخريات اخترن ولوج المهنة بعيدا عن الشروط التي سلكتها مجاهد وتلبنسيرت وصفية أولتوات وأخريات قبلهن ومن بعدهن عن طريق إعادة تسجيل المنجز الغنائي الزاخر لهذة الفنانة ،وأستحضر هنا فنانتين بارزتين في الساحة الفنية حاليا (فاطمة تشتوكت ،وكلثوم تمزيغت ) فقد وصلتا الى قلوب عشاق الفن الأصيل بفضل هذا الارث الباذخ لمجاهد .
تحيحبت تظل علما فنيا يشهد على سمو وعلو المراة الأمازيغية في ركوب التحدي والتحليق بعيدا في سماء الابداع الانساني بعيدا عن القيود في زمن موسوم بالنظرة الدونية للمجتمع الذكوري الى الانثى ..فرسمت بحضورها القوي سبيلا لفنانات أخريات ..
بقلم محمد ايت بن علي
لا تعليق