الرايس إحماد أوتمراغت..فنانا وناقدا

52

الرايس حماد اوتمراغت .. فنانا وناقدا

الرايس الراحل أحمد أوتمراغت فنان جمع بين فن ترويسا والنقد ، وعارف بتاريخ ترويسا وأسرارها، شاعر متمكن ولج المهنة من باب الصدفة ـ كما كان  يحكي ـ إذ سافر إلى الدار البيضاء كعامل بناء في الأوراش  ورجع منها “رايسا” في بداية سبعينيات القرن الماضي حيث اتيحت له فرصة تسجيل باكوراته الفنية . 

    وازداد الرايس حماد حياني المشهور باتمراغت بإحدى قرى قبائل اداوتنان في منتصف ثلاثينيات القرن الماضي ، ومن المرجح أن يكون  عام ولادته هو 1934.  

       حلقته في سوق الأحد بالبطوار وبإنزكان لم تكن كباقي الحلقات إذ الرجل آمن بدور الحلقة في التثقيف ونشر الوعي  فكان يقدم دروسا في تاريخ  ترويسا وأخبار  الفن  الامازيغي  وأهله  ويرحل بك إلى  عوامل النصوص المنجزة شارحا منتقدا . لذلك كان جمهوره قليلا نخبويا يتشكل في غالبيته من المتقفين والمهتمين المهووسين باخبار واسرار ترويسا.   

         صنف طبقات الروايس وله في ذلك معايير مبنية على أسس منهجية سليمة بعيدا عن المجاملات ، وكان لايخشى لومة لائم في ابداء ملاحظاته وانتقاداته في الأعمال الفنية مهما كان منجزها وقد خلق له ذلك أعداء ولكنه ظل وفيا لمنهجه غير  مبال لأقوالهم .

          وحماد اتمراغت جمع بين الممارسة الفنية كشاعر  ومؤدي  وناقد ومعلم الرباب في المعهد حيث تقلد منصب أستاذ لمادة الرباب في أواسط تسعينيات القرن الماضي بالمعهد الموسيقى لأكادير .     

       

         أمد العديد من الفنانين -روايس ومجموعات – بقصائده لكن الجحود وعدم الاعتراف أخفى كل شيء، فعاش الرجل منعزلا عن جماعة الروايس ونادرا ما جمعته الحلقة بأحدهم حيث يفضل أن يكون وحيدا مع جمهوره النوعي الخاص .

                                                               

      حباه الله بذاكرة قوية جعلته يستحضر الاحداث بادق تفاصيلها ،وحين يتحدث عن الفترة التي قضاها في الدار البيضاء تجده عارفا بهذه المدينة بل لايزال يحتفظ بكل دقة بمسارات حافلات (الاطوبيس).

                                                                

            ولا انكر شخصيا انني تتلمذت في حلقته  واستفدت من حواراتي وجلساتي معه الشيء الكثير بل يعد من الذين حببوا الي البحث والتعلق بفن ترويسا . وكان يعول  كثيرا على المهتمين الشباب للنهوض بالبحث في مجال الفن الامازيغي بوجه عام وبفن ترويسا خصوصا .

      ومن آرائه النقدية النيرة التي تعبر بكل أصالة عن تمكنه من شروط النظم  وأسرار القصيدة الأمازيغية الحقة، استحضر بعض تعليقاته وآرائه النقدية :

       1)حديث بينه وبين أحد أكبر شعراء الأمازيغية اليوم ، ألا وهو الأ ستاذ والفنان عبدالرحمان واد الرحمةء-وكان يومئذ في بداياته الإبداعية  ـ فقد كان شاعرنا من رواد حلقته وكان يناقشه في أسرار النظم وذات مرة ألقى عليه قصيدة وحين انتهى ، استحسن أوتمراغت القول الشعري إلا انه نصحه بعدم الدخول في التفاصيل، وهذه الملاحظة تنم عن خبرة لأن التفاصيل تقتل النص ولا تدع المجال للقراءات المتعددة المبنية على التأويل في الفهم ؛

2) لايؤمن بالقاعدة الجماهيرية للدلالة على شاعرية شاعر ما لأن الساحة الفنية فقدت الكثير من مصداقيتها في نظره وكثر النفاق والتملق وغابت ثقافة الاعتراف ؛

        3 ) يصنف طبقات الروايس الى ثلاث طبقات: علماء امارك ، فقهاء امارك ، الطلباء .. وفي كل طبقة يضع وفق معايير اسماء توفرت فيه في نظره الشروط التي تستجيب لذاك التصنيف ؛

        4)يعلن جهارا أن الساحة الفنية تضم عددا محدودا من الروايس الأحياء في ذلك الحين عدهم ممن يستحقون ان يحملو اسم الرايس ،وله في ذلك معايير دقيقة مبنية على سعة اطلاعة لكن و للاسف لم تتح لنا الفرصة للإطلاع على الأسماء التي دونها المرحوم وباقي تعاليقه المدونة حول القول الشعري في مجال ترويسا .

      رحل ورحلت معه أسرار واخبار وجزء كبير من حقيقة فن تاريخ ترويسا اعتبارا لمكانته كفنان وناقد وباحث متمكن .

ذ. محمد أيت بنعلي

أيت بن عليمؤلف

Avatar for أيت بن علي

من مواليد 1968 بدوار الفݣارة -اݣدز اقليم زاكورة؛ -حاصل على الاجازة من جامعة ابن زهر شعبة الادب العربي؛ -متصرف تربوي،يشغل مهام الحراسة العامة باولاد تايمة ؛ -باحث في التراث الثقافي والفني الامازيغي ، ومهتم خصوصا بفن ترويسا ؛ نشر مقالات في مواقع وصحف الكترونية وورقية ؛ له مشاركات في ندوات علمية محليا وجهويا ؛

لا تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *