توليد الصيغ العروضية: الطرق والنتائج.
إن تعدد صيغ الأوزان الشعرية الأمازيغية عموما والسوسية بشكل خاصّ، راجع إلى ليونة نظام العروض المؤطِّر لها وقابليّته لإنتاج صيغ جديدة مشتقّة أو مركّبة من أوزان اعتبرناها أصليّة. فهو عروض ولود غير جامد، فتجد الوزن الواحد تُشتَقّ منه أوزان متنوعة، وتُرَكّب أُخرى من وزنين مختلفين. وتبقى هذه الأوزان الموَلَّدة بالاشتقاق أو بالتّركيب مستقلّة عن أصولها بموسيقيتها وخصائصها الايقاعية والفنية.
ومن خلال رصد ودراسة الأوزان المختلفة المتداولة ب «سوس”، تبيّن لنا أنّ التوليد يكون بطريقتين كما سلف ذكره. فإمّا أن يكون بالاشتقاق من وزن أصلي معين أو بالتركيب من وزنين مختلفين أو من جزئين من وزنين مختلفين، أو من جزء من وزن أصلي مضافا إليه إحدى صيغ “تالالايت”. وهذا تفصيل هاتين الطريقتين في التوليد:
التركيب والاشتقاق:
- التوليد بالتركيب (أزداي): يتِمُّ كما ذكرنا بتركيب وزنين مختلفين، أو جزئين من وزنين أو بتركيب جزء من وزن أصلي مع إحدى صيغ “تالالايت” المعروفة. ونسمّي الوزن المتحصّل عليه بالمركّب (إمزدي) وننسبه إلى الوزن الذي اعتُمد كقاعدة للتّركيب.
ومثال ذلك مركّب أحوزي (إمزدي ن أُحوزي)، الذي يعتمد كقاعدة له الجزء الأوّل من وزن أحوزي (المقاطع الثمانية الأولى)، وتُعَوّض فيه المقاطع الأربعة الأخيرة بالمقطع الثقيل المركب layl، فيكون الإنتقال من صيغة وزن أحوزي:
la la lay la la la day la la la la lal
إلى صيغة إمزدي نوحوزي:
La la lay la la la day la layl
وهذا مثال آخر تم فيه تركيب وزنين تامين، الأول من مشتقات وزن “بوسالم” والثاني من مشتقات ” أحوزي”.
الوزن الأول: lay la la la lay da layl
الوزن الثاني: La la lay la la la dayl
وأمّا طريقة دمجهما فقد جاءت كالتالي:
استعمل الوزن الأول كلازمة للوزن الثاني، فكان يُنشد بصيغة تالالايت كما هي ولا يُنظم الشعر إلّا في الوزن الثاني، كقولهم:
lay la la la lay da layl iɣ awa trit tamuzunt
lay la la la lay da layl akk ur ijjlaw lɣṛḍ nnk
ثم في مرحلة ما، بعد ألفة هذه الصيغة الثنائية، بدأ المبدعون ينظمون الشعر في الوزن الأول (اللازمة) أيضا مع حذف وتده، إذ لا يستقيم أن يكون للوزن الواحد أكثر من وتد، فتكون صيغة هذا الوزن المركّب:
lay la la la lay la lay la la la lay la la la dayl
is nit tssnt is tlla lmut a walli bda sa siggilɣ
is nit tssnt is tlla lmut a yan iɣwdrn amddakwl
ونلاحظ أن المقطع الأخير من الوزن الأول layl قد تم تفكيكه وإشباعه بحركة a فتحول إلى مقطعين (lay la)، وذلك لتحوله من مقطع أخير إلى مقطع وسطي.
ونماذج التركيب كثيرة، والمجال مفتوح أمام المبدعين على مصراعيه، شريطة أن يراعى الإيقاع المنتظم والموسيقى التي تستسيغها الأذن، فلا يكونَ الوزن شاذّاً في تركيبه فتمجّه الأسماع ويهجره الشعراء.
- التوليد بالاشتقاق: على عكس ما أوردناه في موضوع التوليد بالتركيب، فإن التوليد بالاشتقاق يعتمد التصرف في صيغة وزن واحد فقط، إمّا بتجزيئه بقطع جزء من صيغته أو بإحداث تغيير طفيف في طبيعة بعض صيغه.
1.2 الاشتقاق بالتجزيئ: وذلك بحذف مقطع صوتي أو أكثر من صيغة الوزن الأصلي. ويكون هذا الحذف بطريقتين:
– بالإختصار (س طْرْزِي): أي باختصار صيغة الوزن والاقتصار على عدد معين من مقاطعه الأولى مع الحرص على أن يكون المقطع الأخير ثقيلا احتراما لقواعد العروض كما تقدم ذكرها. ونسمي الوزن المتحصّل عليه بالمختصَر أو المجزوء “أمرزو” بتفخيم الراء والزاي، وننسبه للوزن الأصلي. ومثال ذلك “أمرزو نوحوزي)، الذي نقتصر فيه على المقاطع السبعة الأولى من الوزن الأصلي مع صدر المقطع الثامن فتكون صيغته:
La la lay la la la dayl
ويمكن أن يكون للوزن الواحد أكثر من مختصَر.
– بالبتر (س أُكُوف): أي بحذف واحد أو أكثر من المقاطع الوسطية للوزن الأصلي، ويكون البتر بسيطا إذا كان الحذف في موضع واحد أو مركبا إذا كان في أكثر من موضع. ونسمي الوزن المشتق بهذه الطريقة ب «المبتور” “ماكوف” ويُنسَب إلى الوزن الأصلي. ومثاله “مبتور سيدي حمّو” ” ماكوف ن سيدي حمّو” الذي نحصل عليه ببتر المقاطع ذوات الأرقام 5، 6، 7 من الوزن الأصلي، فتكون صيغته:
La Lay la la la lay la lay da lal
ويمكن أيضا كما في الاختصار، أن يكون للوزن الواحد أكثر من مبتور.
2.2 الاشتقاق بالتغيير: ويكون هذا الاشتقاق بإدخال تغيير في طبيعة مقاطع معينة من الوزن الأصلي، ويتم بأربع طرق هي كالتالي:
– بالتفكيك (أفْسَّاي): ونقصد بذلك تفكيك مقطع ثقيل إلى مقطعين خفيفين أو أكثر، ونسمّي الوزن المتحصّل عليه بالمفكّك (أنرزوم) وننسبه إلى الوزن الأصلي. كمفكّك سيدي حمّو (أنرزوم ن سيدي حمّو) الذي نحصل عليه بتفكيك المقطع العاشر من الوزن الأصلي، وتحويله من مقطع ثقيل إلى مقطعين خفيفين كما يتبين من خلال صيغته:
Lay la la la la la la lay la la la da lal
-بالضّم (أسمون): وهو عكس التفكيك، أي أننا نضمّ مقطعين خفيفين أو أكثر في مقطع واحد ثقيل. ونسمي الوزن المشتق بهذه الطّريقة بالمضموم (أمسمون)، وننسبه إلى الوزن الذي اشتُقَّ منه. ومثاله مضموم مبتور سيدي حمّو، والذي مرّ بمرحلتين من الاشتقاق، أولهما حذف المقطع العاشر من سيدي حمّو فنحصل بذلك على مبتور له، ثمّ تأتي المرحلة الثانية حيث يُضَمّ المقطعان الخفيفان، الثالث والرابع ويحوّلان إلى مقطع واحد ثقيل، فتكون صيغته:
lay la lay la la la lay la da lal
وفيه نُظمت رومانسية ألبنسير المشهورة والتي مطلعها:
lḥurma yan sa siggilaɣ zud ayyur
assi tsiggilt mklli srk siggilaɣ.
-بالقلب (أسْنفل): ويكون بتغيير مقطع خفيف إلى مقطع ثقيل (أزُّوزي، بتفخيم الزاي)، أو العكس، أي تخفيف (أسِّفسوس) مقطع ثقيل وتحويله إلى مقطع خفيف. وقد يكون القلب في أكثر من موضع. ونُسمّي الوزن المتحصَّل عليه بالمقلوب (أمخلّْف) وننسبه إلى الوزن الأصلي. كمقلوب مختصر أجماك (أمخلف نومرزو نوجماك) حيث تم تخفيف المقطع الخامس:
أمرزو ن أُجماك La la lay la lay la da layl
“أمرزو” المخفّف (أمخلّْف)
La la lay la la la da layl
-بالتوأمة (تانيوت): في هذه الحالة لا تتغير صيغة الوزن إلاّ على مستوى وتده، إذ ننقله من مقطع إلى مقطع صوتي آخر مع الحفاظ على طبيعة المقطعين كليهما. ونُسمّي الوزن الجديد بتوأم الوزن الأصلي (أكنيو أو إكنو)، وكمثال على ذلك، توأم أحوزي (إكنو نوحوزي) الذي صيغته:
La la lay la la la lay la la la da lal
حيث انتقل الوتد من المقطع السابع إلى المقطع الحادي عشر، محافظا على طبيعة المقطعين معاً.
المجموعات العروضية:
اعتمادا على ما سبق ذكره من طرق الاشتقاق والتركيب، وفحص الأوزان المتداولة في الساحة الأدبية ب «سوس” اهتدينا إلى استنباط الأوزان التي لها جذر مشترك، وبذلك تجميع العائلات العروضية وفرزها باعتبار خصائصها المميِّزة لها عن غيرها.
نجد أنفسنا إذن أمام مجموعات من الأوزان المتباينة في مبناها، وكل مجموعة تترابط عناصرها فيما بينها بإحدى طرق التوليد، وقد وضعنا على رأس كل مجموعة وزنا اعتبرناه أصليا، لما يحمله من خصائص تسهّل تمييزه عن غيره وكذلك بدرجة أدنى، لشهرته وكثرة تداوله.
وعليه فإنّ الأوزان المدروسة في هذا العمل المتواضع، مقسّمة إلى ستّ مجموعات، أولها عائلة “أحوزي” وفيها كلّ الأوزان التي اشتُقّت منه، وأمّا المجموعة الثانية فهي عائلة “سيدي حمّو”، تليها عائلة “أجماك” ثم عائلة “بوسالم”، وتبقى مجموعتان لم نحدّد لهما اسما لعدم وروده، فسميناهما بما يميزهما عن بعضهما وهو المقطع الأخير من صيغة الوزن، – وسنرى أن هذا المعيار فعّال إذا أضفنا إليه طبيعة الوتد، في تصنيف المجموعات العروضية كلّها- فتكون المجموعة الخامسة هي عائلة la layl، تليها المجموعة السّادسة و الأخيرة وهي عائلة dayl.
وأمّا ما ارتكزنا عليه لنميّز بين هذه الأوزان التي اعتبرناها أصليّة، فهو كما أشرنا إليه، طبيعة أوتادها وأواخر مقاطعها، فذلك وحده كاف لإقامة معيار فعّال دون الحاجة إلى مقارنة صيغ هذه الأوزان كلّها.
فعائلة أحوزي يمكن الترميز لها ب عائلة day lal، فوتدها ثقيل ولا يفصله عن المقطع الأخير إلّا مقاطع خفيفة. وأما مجموعة “سيدي حمّو” فيمكن الترميز لها ب عائلة da lal، فوتدها خفيف ويأتي مباشرة قبل المقطع الأخير، ونأتي إلى “بوسالم” لنرمز لمجموعته بعائلة da layl، ولها نفس مميزات سيدي حمّو غير أن المقطع الأخير فيها ثقيل مركّب، أي أنّ له نواة مركّبة، ثم تأتي عائلة وزن أجماك الذي تتشابه مقاطعه الأخيرة مع الوزن الأصلي للمجموعة التي سميناها عائلة la layl ، ولا يفرق بينهما إلّا مقطع خفيف واحد، فيمكننا الترميز إذن لمجموعة “أجماك” بعائلة layl. وتبقى المجموعة الأخير التي يأتي وتد وزنها الأصلي في المقطع الأخير dayl.
ترميز المجموعة | المقاطع الأخيرة | الوزن الأصلي |
day lal | day la la la la lal | أحوزي |
da lal | da lal | سيدي حمّو |
layl | da lay la layl | أجماك |
da layl | da layl | بوسالم |
la layl | da lay la la layl | la layl |
dayl | dayl | Dayl |
تصنيف الأوزان وفق العائلات العروضية:
عائلة أحوزي:
أحوزي La la lay la la la day la la la la lal
إكنو أمزوارو (la) la lay la la la lay la la la la lad
إكنو ويس سين la lay la la la lay la la la da lal
أمرزو نوحوزي La la lay la la la dayl
أمرزو ويس سين La la lay la la la day la lal
أمخلف نومرزو ويس سين La la lay la la la day la layl
إمزدي ن أُمخلف la la lay la lay la la la day la layl
عائلة سيدي حمّو:
سيدي حمّو Lay la la la la la la lay la lay da lal
أنرزوم Lay la la la la la la lay la la la da lal
أمسمون نومرزو (أمررزو هنا انتقالي) : La lay la lay la la la lay la da lal
ماكوف أمزوارو La lay la la la lay la lay da lal
ماكوف ويس سين La lay la la lay la lay da lal
ماكوف نوماكوف La la lay la la la lay la da lal
وقد أسميناه ب”أمڭريول” لأنّ وتده يقبل تغيرات خاصّة به، ولا نجدها إلّا في مقلوبه “أمخلّْف نومڭريول”.
أمخلّف نومڭريول La la lay la la lay la la da lal
عائلة أجماك:
أجماك (تاشتوكت) La la lay la lay la da lay la layl
أمرزو نوجماك La la lay la lay la da layl
” أمخلّف نومرزو “ La la lay la la la da layl
عائلة بوسالم:
بوسالم La la lay la la la la la la lay da layl
“ماكوف ن بوسالم” la lay la la la la la la da layl
إمزدي نوماكوف Lay la la la lay da layl
عائلة la layl:
وزن la layl:
La lay la la la da lay la la layl
إمزدي ن la layl:
La layla la la da lay la la lay la layl
أمرزو ن la layl:
La lay la la la da lay la lal
ماكوف نومرزو (تاسوغانت): La la lay la da lay la la lal
أمرزو ن تاسوغانت La la lay la da lay la lal
أنرزوم نومرزو La la lay la da la la la lal
عائلة dayl:
وزن dayl:
lay la la la lay la lay la la la dayl
ماكوف La la lay la la la lay la lay la la dayl
أمخلّف نوماكوف:
La la lay la la lay la la lay la la dayl
أمرزو ن dayl:
Lay la la la lay la lay la la lad
ماكوف نومرزو la La lay la la la lay la lay la lad
أنرزوم ن dayl:
La lay la la la lay la la la la la la dayl
إكنو نونرزوم lay la la da lay la la la la la la layl
أمرزو نونرزوم La lay la la la lay la la la la la lad
لا تعليق