تيمكريست
قراءة نقدية لقصيدة "أسوينكَم ⴰⵙⵡⵉⵏⴳⴻⵎ" للشاعر الطيب بوشطارت
هذا نص معد لقراء الأمازيغية وكتابها والمنفتحين عليها، وهو يتناول مفاهيم دقيقة بطريقة المقاربة في شؤون أدبية يستشكلها الناس أول ما تقال لهم إذا لم ينفتحوا على النقد الأدبي العالمي. يدرس هذا النص النقدي قصيدة أمازيغية بالطريقة الخارجية ويقدم مفاهيم جديدة على البيئة الأمازيغية فليقرأها المتابع مرات عديدة لأنها قصيدة جيدة وليسافر معنا في هذه الرحلة الاستكشافية لروحها.
1/ أبوة تاريخية:
تفاجئنا الرائعة بسطرها الأول وهو دعوة أو نداء بل استدعاء يعبر كالصفات الوراثية عبر البضع واللحم والدم وعبر الثقافة كذلك، فهذه نفسها تورث وربما ورثت أكثر من المورثات. المستدعى هو الأب ومن خلال الأب أبيه. سلسلة من الآباء ينحدر الشاعر من أرومتهم لكنهم في غياب، وقد طال غيابهم حتى صاروا كالغيب يستدل عليهم بالعقل وبالمعلوم من الشهادة. يستدعي الشاعر هنا وهو كحضرة القاضي جمهور الآباء ليسألهم سؤالا صعبا لا يتمناه متهم أمام لجنة تحقيق تعرف الحقيقة مسبقا وتفقأ بها العين الجاحظة. قد يكون للشاعر آباء اتصلوا بالعالم عن طريق الحواس وخاطبوه باللسان وحملوا في وجهه الفأس والرمح ولم يستثقلوا إلا القلم وهو منحوتة من قصب تحتويها الأصابع.
سيتبين هذا من فحوى السؤال وبيان المحاكمة الذي سيتلوه القاضي، نقصد الشاعر بلغة أوضح من لغة القانون: الدقيق لفظه والرقيق نغمه. لنلاحظ قبل معرفة السؤال مسألة على السطر الأول وهو الآتي:
أبا با غر د ئ باباك أد غرين
أ _ با _ با_ غر_ دي _ با_ باك _ أ _ دغ_ رين
إن هذا السطر موزون ما في ذلك شك لكنه معيب بعيبين طفيفين يمكن إصلاحهما بالتدخل طبعا لو كان لنا هذا الحق. ففي الأول كان يمكن القول:
أبابا غراد ئ باباك أد غرين
إن تحويل صيغة الأمر بالإفراد إلى الجمع وهو مقبول بل مطلوب في مخاطبة مقام الأبوة يصلح الأمر ويتعذر إصلاح الثاني وهو عيب من نفس الدرجة إلا بالإساءة إلى العبارة شيئا ما وهذا ما دار بخلدي،
وإلا فلقد أصلحته ولم أقتنع به كالأول. هل سأل احد يوما ما عن سبب هذا الخطأ العروضي؟ هو الوقف بلا جدال وتدخل صائت الشفا الصامت. إن المقطع الثالث يكون ناقصا من ثقيل ”لاي” إلى خفيف ”لا” و الخطأ الأخير وقف. لكن المعتد به في الشعر هو الملفوظ لا المكتوب. يطرح الشعر في الغالب مشكلة قراءته بعد كتابته ولا نقصد طبعا قواعد إملاء اللغة وكل ما تطرحه من مطبات حول العالم وفي تاريخ الألسن المكتوبة بل القواعد القرائية التي لم يقل عنها الى اليوم أي شيء. لنأخذ على ذلك من الفرنسية مثال الصائت الأخير e الذي ينطق لموازنة المقاطع الصوتية وظاهرتي:
_ la diérèse
_ la sinérèse
مثل هذه القواعد يمكن استخراجها و تنظيرها في شعرنا الأمازيغي بلا حدود لو كان هناك وعي شعري و صوتي و موسيقي وهو لازم للانتباه الى هذه القضايا. ويعتبر الاهتمام بالإملاء و بالرسم والقراءة أعراض الوعي الكتابي لكنه الى حد الآن جنيني.
لنركز الآن على الوقف ولنستذكر ما قاله الباحث الأستاذ داوود السوسي في كتابه المحترم ”أسقول” من أن المقاطع الصوتية الخفيفة المكونة من نواة فقط تقبل الوجود في بداية الكلام لا غير ، وهذا صحيح تماما ولا يمكن مخالفته فيه من باب المخالفة فقط. لكن السؤال ينشأ من ذلك ويقول: ما هي بداية الكلام؟ هل بداية الكلام هي بداية السطر دائما؟
كلا وهذا هو سبب استمرار الشعراء الأمازيغ خاصة في مجال الشفاهة في ارتكاب الوقف وسط الجملة الشعرية لإحداث مقطع يتم به موازنة الكلام. إن التوقف الطفيف هو الذي جعل باحثين ولسانيين دوليين ومنهم مغاربة ينكرون خاصية الصوامت المتتابعة لتاشلحييت.
مؤكدين وجود ما سمي به الصائت المحايد. عندما ينطق أمازيغي حروفا صامتة متتابعه لا يفرق بينها صائت كقوله ”لكمغ” فإنه يتوقف زمنا غير محسوس، ويرسل مع نفسه بالصائت المحايد لينشئ مقاطع عادية -صامت زائد صائت- لكن تجارب أخرى قادها باحثون مغاربة أظهرت أن الوقف ليس طبيعيا بل صنعه التمهل في القراءة، خاصة مع أوضاع الأمية القرائية وصعوبة القراءة الإجمالية والرسم العربي. إن هذا الخلاف غير مهم سواء انحزنا إلى هذا الجانب أو ذاك لكن الخلاف يزول حول أمر آخر هو أن الوقف وان كان غير طبيعي ينشئ مقطعا صحيحا ملفوظا ويوازن الكلام خاصة ان الشاعر يرتكبه بعد مدة، وله أسطر نموذجية في هذه القصيدة وفي غيرها. ان العيب الذي لم نصلحه هو الوقف ولا يمكن أثناء القراءة منعه فالشعر بالدرجة الأولى شيء يقال حتى لو كتب بعد ذلك، وبعد كتابته من المهم أن يعي الناس قواعد قراءته كما يعون قواعد نظمه وقواعد فهمه. ليلاحظ القارئ أن العيب الأول هو نقص صوتي والثاني هو وقف ونحن بطبيعة الحال نبرر الثاني ونقصد الوقف ونعد الأول عيبا لا غير وقد اقترحنا تعديلا عليه. لاحظنا أن هذا السطر يشبه كثيرا سطرا أول في قصيدة لنا بعنوان ”أداݣ ن توجا”
بابا ماخ باباك ؤر ئبدر باباس؟
إن التشابه لا علاقة له بالنقل والاقتباس بل بظاهرة أخرى سنسميها “وحدة الموضوع” والتي تدافع باتجاه تقارب الرموز والتعبيرات وهذا من الدقة والصواب الأدبي ومثل هذا السبب هو الذي حدا بالأديب المصري العظيم يحيا حقي ليبعث برسالة إلى الأديب السوداني العظيم الطيب صالح يقول له فيها أنك أخي. و لهما من الأعمال العالمية. قصة قنديل أم هاشم ورواية موسم الهجرة إلى الشمال وهما ذوات لغة رفيعة للغاية وبها تشابهات تصل حد التطابق في العبارات والأحاسيس.
إن الشاعر إذ يستدعي إلى المحاكمة آباءه و آباء ابيه يستدعي في العمق أبوه تاريخية تعيش في الزمن الغابر وهي مسؤولة في ترابها عن رسم الولادة وما فيه،وعن رسم التراب وفيافيه، وعن تاريخ النسل وماضيه. كل هذا في سؤال صعب يتضمنه آخر السطر الثاني:
ئ باباك أد أغ ملين ما ئجران
ئ _ با_ باك_ أ_ دا_ غم_ لين _ ما_ يج_ران
نلاحظ ذات الوقف الذي يصحح نقص المقطع الثالث ومثال هذا الوقف ما قاله الشاعران عثمان ازوليض وبن واكريم في محاورتهما
نغال ديس أݣوݣنت تارصاصين
ئميل ؤتنت لعالم كولو ت
إن السؤال عن سبب الحوادث (مايجران) هو بحث شامل في أرضية التاريخ عن العلل الثاوية خلف الأمية القاهرة. إن الأمية ليست حقيقة بالنسبة لحضارتنا لكنها متغلبة في الواقع القريب وفي الشعور. إن مفهومها عنيف وأمرها مميت وبحثها مظلم. كيف يعتقد المرء في ظلام دامس انه يبحث عن فنار وان تم فانوسا وهو لا يراه، ومع ذلك فهو متشبث بالأمل لأن الظلام لا يطاق والهوية هي ما أنا هو، أتماهى معه وأشعر بالماهية، كأنني إذا نزعت منها أنزع و أتخبط كالسمك القافز إلى ضيق الفضاء. أشياء سنعرفها بالتدريج عبر دروب القصيدة. إن لنا آباء كثر نعرف منهم الملك والوزير والبطل والقس والإمام والعالم والذكر والأنثى وكل ذي شأن عظيم. ونسلهم يسال هل نحن حقا مع كل ما نرى أبناء العظماء؟
كان هذا شعور بطل فيلم المومياء ونيس أمام توابيت الفراعنة وقد طلب منه أن يبيع حلي المومياءات كعادة الشيوخ في قبيلته المتخلفة و الأمية. مومياءات متخشبة تتحرك أساطيل عظيمة فرنسية و إنجليزية لإنقاذها من طيش ورثتها.
يسأل الشاب ونيس بعد ان اكتشف الحقيقة: ما قيمة هؤلاء الآباء في وضعيتنا؟ وهل هم حقا آباء ولماذا نحتاج إليهم ولا نقدر إلا على بيعهم لنأكل. إن تركنا تجارة الاثار و العيش على الماضي فما نحن إلا قبائل جائعة تنهش ملوكها الذهبيين ولما هم ذهبيون إن لم يتركوا لنا ما يستر الحال. يقول الشاعر لاحقا أن على الآباء وآبائهم أن يفسروا لنا قصة الكتابة هذه. يريد الشاعر تاريخا لامعا بحروف بارزة وإلا فما هي الكتابة؟! نريد خطا و رواية كاملة لأحداث الشمال العزيز. نريد وعيا كاملا. القراءة على الصخر عناء كبير و القراءات و التأويلات تشابهت علينا وما عدنا نحس بدفء الاستمرارية التاريخية والتمحلات الصعبة عن مئات السنين، فيا آباء اسمعوا وعوا: هل عشتم حقا أحقابا دون أن تكونوا ممن يدونون التاريخ؟ ما الذي ألهاكم عن أنفسكم ؟ هل هم الطغاة و الغزاة؟ هؤلاء لا يأتون إلا في عصور الانكسار. وماذا قبلها؟ وماذا بعدها؟ أين هي في وعي الأبناء لا في طبقات الارض خزائن العلم وشعبه و بلغة الأرض؟ أين هي حضارة المدن الكبيرة وما يكون فيها من اقتصاد و حساب ورياضيات و تجارة و ملاحة وفلك ودين وفلسفة وطب و قضاء وقانون و لغة و موسيقى و آداب؟ هل يكون كل هذا في ظل العبور وصراعات التحرر المستمرة؟ إن الكتابة التي تعني الفعالية الدولية التاريخية في العلوم لا تعني التسجيل أي آثار الترميز وتحويل الشفهي إلى مكتوب. هذا موجود باستمرار عندنا وعند غيرنا، لكن قيادة التاريخ العالمي وتأسيس الحدث شيء آخر. هذا هو الذي يخلق الثروة الفكرية الصناعية في المدن وهذه هي التي تسمى الكتابة وليس النقوش كيفما كان تأويلها، ونحن لم نحكم إلى الآن إن كانت الأرومة الامازيغية قد أسست هذا الحدث و قادت التاريخ العالمي أم لا، والثابت الآن أنها شاركت باستمرار في تاريخ الغير و أسهمت إسهاما محترما جدا بل لافتا للانتباه. هل ينكر احد انه في ظل تاريخ الحداثة الأوروبية شارك الإنسان الأمازيغي في أحداثها و تحرك على مسرحها وله فيها إسهامات لا حصر لها لكنه هامش لا مركز، وقد بلغت الهامشية ذروتها بتعرض المغارب للاستعمار الفرنسي والاسباني والإيطالي. إن الاستعمار ليس مؤشرا سلبيا إلا على مستوى الشعور بسبب الاستغلال والحرب وحكم الأجانب، أما على المستوى التاريخي فيدل على وصول حزمة الضوء إلى الأرض المتأخرة. الاستعمار شيء حدث لكثير من الشعوب بما فيها تلك التي ننبهر بتقدمها اليوم ولا تساوي النظرة النضالية أو التحررية في هذا المجال مثقال شعرة. إن الاستعمار هو أفق كل انحدار أو انكسار و سبب هذا في العمق هو وحده التاريخ البشري. لنعد الى الشاعر وهو يسأل السؤال الحرج: لما لم تكتبوا يا آبائي تاريخنا؟ الكتابة هي حياه مجتمع حي على المستوى الاجتماعي والاقتصادي بما يوازي قدرات الشعوب المنتجة الأخرى ويراقبها وربما يقتحمها. هل استطاع مثلا اقتصاد الممالك أن يسبق و ينافس اقتصاد الإمبراطورية الرومانية أو فينيقيا وكم عندنا الآن من كتاب عن الاقتصاد الماوريتاني وكيف نربط علميا بينه وبين حجم القوة العسكرية والفكر الحربي وسائر قضايا البنية الفوقية من علوم و آداب و لغة وغيرها من الأشياء الثانوية و بالمثل كيف كان الاقتصاد الشمالي في وجه تجاره الفينيقيين وفي وجه خزائن الأمويين و العباسيين والعثمانيين وفي وجه الأطماع الغربية في القرن الماضي ماذا عن عجز الأنظمة الزراعية الفيودالية الإقطاعية و إفلاس البنك المخزني في القرن التاسع عشر والعشرين؟ وفي المقابل أين هو صوت التفوق الموحدي و عبوره إلى ضفة الجزيرة الإيبيرية وجنوب الصحراء ونقصد صوته الأمازيغي الواسع جدا حد أن تتزاحم فيه النظريات و التآليف والاتجاهات وهذا شيء منه موجود بلغات غيرية ونموذجه دراسة ابن خلدون وغيره عن نشأة وتطور الحضارة. إن السؤال في العمق يعني لماذا لم يوجد مجتمع و أمة أمازيغية بهذا المستوى الذي يحمي من وقائع الأمية دون أن نأخذ بعين الاعتبار أن الأمة خرجت لتوها من الاستعمار وتصارع أقطارها حتى لا تقودها تكتيكات المراكز البعيدة إلى فوهة النار من جديد. هذا واقع مرير قديم جديد وفي ظله هل يتصور وجود تدوين منتظم و هادئ للتاريخ؟ وهل ينتظر أن تنحدر الحضارة ونعيمها الى الذرية من منتجيها الأوائل؟ عند مساكنة الدخلاء ينتظر الاختلاط و الهامشية. هذا ما حدا بالتيار الأمازيغي إلى اعتناق النظرة الأنتروبولوجية وهي النظرة القائمة على العنصر الفاعل والثقافة الإنسية (الشفهي والأداتي والطقوس) أي أن العنصر الفاعل منجز الأحداث هو العنصر الأمازيغي وهذا صحيح الى حد بعيد لكن هل ينجز أحداثه أم أحداث غيره؟ وعلينا ان نركز على ما هو تاريخي و كبير لأننا في مجال تاريخي لا على معطيات الحياة الفردية البسيطة، كلباسه و موسيقاه و عوائده و معتقداته أو حتى لغته اليومية. إن المسؤولية التي تنصل منها الآباء ولا يزالون هي بناء العالمية بوعي عن طريق مواصلة إنتاج الحضارة الكتابية باللغة القومية بعد استيعاب دروسها من اللغة الغيرية. لنلاحظ انه و منذ أزيد من 20 سنة من تهيئة اللغة الأمازيغية وجهود اعتبارها تم تنصيب اللغة الفرنسية لغة للعلوم مع التبشير بالانجليزية بين العموم بينما يهتم المناضلون بالآداب والفنون و الطقوس الاحتفالية وهم أنفسهم ينتجون بالفرنسية بل إن مقررات التهيئة اللغوية نفسها تنشر بالفرنسية. هذا يعني باختصار انه تم إفراغ الدعوة الأمازيغية من مضمونها وهو إعداد بديل لحضارة العربية محليا على الأقل وهذا البديل هو البديل الأوروباوي الذي تتساكن فيه الروح الغربية في العلوم و الاقتصاد والسياسة والتواصل الدولي مع الجسد الفلكلوري المنغمس في المحلية وهتاف الهوية والعوائد وموجات الفنون والموضات وغيرها. هذه صورة من الماضي حيث يجابه الغير داخل البلاد ويعود الازدواج من جديد أمام العجز عن الانطلاق الذاتي واكتساب الوعي الكامل. يفصح الشاعر هنا في السطر الثالث على ما يقصده بكتابة التاريخ ويريد به كتابته بحرف تيفيناغ. في هذا السطر مثال لليللة الكاملة في هذا الوزن العشري :
لا لا لاي لا لا لا لاي لا لا د لال
ؤر نسين تيفيناغ ؤر تنت غريغ
إنه لذلك ينتسب الشاعر إلى أبجدية لا يعرفها،ولم يدرسها ككل الذين لم يدرسوها وما ذلك ضمنيا إلا لأن التاريخ لم يكتب بها لا على الورق الكثير ولا على أرض التاريخ و بحروف بارزة وأي مصير هذا الذي يعرض له الآباء ابنائهم إن جهلوهم بالحرف، وهو الرمز الذي له مفعول طلاسم السحر. الحرف الذي قسم البشرية العاقلة إلى تاريخ وما قبل تاريخ. لم يسأل الناس أنفسهم عن مكانة النقائش الليبية في أنفسهم فلا يهم في هذا المجال ما يصل إليه الأثري أو يتأوله المؤرخ ويبرزه المناضل أو يعتمده رجل السياسة بل ما يصل الى تمثلات العموم و أذهانهم ونوع الصلة مع العراقة. إننا أميون لان الأمية وقعت ونحن في العدم. حكمت علينا بأن نرث الفراغ قبل ان نسمع عن كشوف تركب كقطع البازل ولم ترتسم منه بعض الصورة المثلى و الأيدي تحاولها. إن الشاعر يرفع ذلك الى مستوى الأمية الشاملة، فهو اذ يفتقد الحرف الأصلي يفتقد كل حرف وكل رمز وقد يكون في ذلك تركيز لما سبق وما الأوضاع الشخصية الا دافع و حافز إضافي للتفكير الإضافي. ان التعليم المحدود لا يخرج المرء من سباق الحياة و الوعي بل يبطئه وعملية التعريب الحديث وهي نقل المعرفة العلمية القديمة والحديثة إلى أبناء الوطن بالعربية الكتابية بدل لغة المحتل فشلت شيئا ما لأن القاعدة المادية و الاقتصادية والاجتماعية لم تتوفر ويشكل هذا علميا سببا قويا لنشأة الحركات الايديولوجية وظهور خطاب الهوية و النزعة الفولكلولية المحلية. الأسباب مادية لكنها تتكلم لغة الثقافة و تقتصر في هذا على الإناسة وهذا ما سيلامسه الشعر بقوله” أثر على حجر”
لكن قبل ذلك لنلاحظ أن في هذا السطر ذات الوقف الذي اشرنا إليه:
ؤر نسين أسكيل ؤر ت ئد ؤفيخ
ؤ_ رن_ سين_ أ_ سك_ كي_ لور_ تي _ دو_ فيخ
إن المقطع الثالث لا يتمم إلا بالوقف، وكذا نجد صيغة ثانية للوزن من حيث الوتد وهذه ليللته :
لا لا لاي لا لا لا لاي لا دا لال
بدل:
لا لا لاي لا لا لا لاي لا لد لال
وبدل:
لا لا لاي لا لا لا لاي لا د لال
يقول الشاعر أنه لدى معضلة الفراغ الكتابي والذي نسميه بالأمية التاريخية (أشرنا سابقا إلى انه ليس حقيقه لأن الأمة كاتبة مشاركة متحركة على المسرح ونابغة أحيانا لكنها مستلبة بسبب التاريخ الخارجي الذي يستوعبها ولا تستوعبه ذاتيا ويحركها ولا تحركه ) تظهر الروايات و المسموعات التي تبشر بالكنوز الأثرية الماسحة لعار الألفبائية. رموز حضارة أقدم من القدم، تعرف نفسها بالنقش الصخري حيث لا يمكن لأحد أن يمحو أو يبيض أو يخفي. الشاعر هنا يسمع ولا يقرأ وهذا حال الجمهور يسمعون ولا يقرأون. ما هي النقيشة؟ كم نقيشة وجدت؟ ما قصة الغرباء معها؟ أين هي الآن؟ ما هي العلوم والعقول التي تدرسها ؟كيف تؤولها وتستخرج منها صوره عن الماضي؟ هل يمكن إعادة تركيب التاريخ منها؟ وما أثر ذلك على الحاضر وقضايا الراهن؟ ثم ما قصتنا نحن معها؟ لماذا لسنا مشاركين؟ ألأن الكتابة و فهم و تأويل وصناعة التاريخ تحتاج الى القوة التاريخية نفسها وهذا ما يذكر بالأمية من جديد كشعور ونيس البطل الذي يملك تابوت محرر وادي النيل ولا يملك إلا أن يبيع قلادته أو سواره خفية عن اسطول علم المصريات الذي يود بناء تاريخ الإمبراطوريات الفرعونية من قطع الآثار ويواجه جمهور متعطشا الى اللقمة وإلى العيش قبل التاريخ.
يقول الشاعر أن الحرف رسم على الصخر . لطالما كان هذا الأمر مثيرا للدهشة. ابن البلد القديم صبور يكتب على الصخرة الصماء وما يمنعه من ورق البردي ومن الكتب فيما بعد ولما يكتب في الفيافي وفي الجبل؟ ما الذي يمنعه من المدن ومن المدارس ومن الإكثار فالحضارة بنت الفائض كما يقول المؤرخون ولماذا يكتب في نفس الوقت أخ المدينة فيكثر ويتوسع بلغه الغير؟
نقع من جديد وها هنا على الإجادة في الوزن وعلى الإفادة القوية في هذا السطر وهذا بيانه:
ئلا ما يغ ئنان رشمن ت ئ يزران
هذه صيغة تامة للوزن يحملها حرف الزاي كوتد لها وليس للوقف فيها شغل أو مكان حتى لو وقف الشاعر في المواضيع الصحيحة للوقف بين المقاطع. إن علم الآثار في المغارب يواجه مشكلات جمة وقد قال ذلك كبار المؤرخين المغاربة، منها انه لا يؤثر بالشكل الكافي على وعي العموم و تحكم عليه ثقافة الأكثرية. يقولون باختصار أننا ننتظر من كتابة التاريخ أن تحدث نقلة في ثقافتنا و حياتنا لكننا نصادف ان كتابة التاريخ و مدارسته لا تتم إلا في حقب النقلات و القفزات و النهضات. ما نعتبره وسيلة هو في الحقيقة نتيجة لذا يصيب شاعرنا إذ يكتفي بالسماع ومعه كثير من المستمعين إلى من يدلهم على مخابئ الكنوز الأثرية. هذه شعوب لم تقدر بعد على الحفر. هي حتى في لغتها لا تحفر واذا حفرت لا تقدر على التحليل او تركن في التحليل للغير وهنا يتنازعها الاستلاب من جديد. وبذلك يضعف التأثير، خذ من ذلك ما هو متعارف عليه الآن حول إنسان ”إغود”. هل يحس المرء من أثر لأبوة المغاربة للإنسانية العاقلة؟ هل يشعرون بمعنى للعملية الجراحية الأولى والجماعة السياسية الأولى في واقعهم حتى لو حدثتهم عنها معاهد الآثار داخل الوطن؟ ألا ينظر اليهم الناس كأشخاص يقفزون على مرارات الواقع لينتشوا بتأويلات الماضي و حرارة البحث العلمي ومشاركة الأجانب فيه بندية في تدقيق المعطيات وضبط الحقائق. جوهر القضية يتمثل في البون الشاسع بين العجز أمام مهمات الحفر والجمع وأدوات التحليل في الفيزياء والكيمياء و المعلوميات وفي المقارنة وسائر الأنساق العلمية المساعدة وبين صورة رجال الماضي المتفوقين سواء وجد في التاريخ أو قبل التاريخ. نترك للقارئ أن يؤول اتجاه المغربي فيما يتعلق بهذه الإناسة الأثرية إلى مقارعة جاره بها ورد ادعاءاته بخصوصها. لماذا لا تتم المقارعة خارجيا مع الأوروبيين؟ إن ذلك لا يتم لان العصر يتوسط ويعيش الأمازيغي في حمى العولمة هيمنة عصر العالمية الاوروبية. ألا يرى احد من الاهتمام بنشأة الجماعة السياسية أي نشأة السلطة والدولة قبل التاريخ مغربيا والتركيز عليها و بحثها بحثا عن فترة ما قبل السلطة والدولة للانتشاء بوجود أمة سابقة على الأمم جميعا. يتحول الأثري من مكتشف و منقذ إلى محلل و مفسر و قصاص و منظر عاكسا في ذلك حاجات قائمة في عصره. كان يجب أن تتولى تلك المهمات جماعات أخرى تؤدي أدوار النهوض والتفكير لكنها ضعيفة حاليا و محتشمة ومع ذلك فالتنقيب والبحث لازم لانه عنوان البحث عن شيء عزيز هو الذات فلنبحث جميعا ونخرج جميعا. إلى أين؟
2_ الخروج الكبير:
إلى الجبل لأنه ما من احد إلا وقد لاحظ كيف احتوتنا الأطالس كأننا قد نفرنا إليها عن بكره أبينا، هناك حيث ترتع الغزلان حرة طليقة لا يخيفها على نفسها إلا طلقات الغدر. تلك بعض بيئتها ولها بيئة أخرى خطيرة عليها. هناك أيضا وجد رساموها القدامى. كانت تلك الصخور الصماء وصفحات الكتابة المزمنة عرضة للعراء و للعوامل كما إنسانها تماما، لكن للقصة فصولا أخرى طويلة لم تحك بعد. يقول شاعرنا في هذا و أمام همس الأثريين انه عادة ما يخرج قاصدا الجبال و شعابها، بين مرتفع في المرتفعات و منخفض في المنخفضات كالهائم أو كالمستكشف أو كالغريب النازح الذي ليس له في الوطن موطن:
ئلا تا يغ أك نفاغ نفك ئ ودرار
ئ_ لا _ تاي_ غا_ كن_ فا_ غنف_ كي_ ود_ رار
إن هذا السطر المُجيد المُجيد يلخص الحياة النفسانية القاسية التي يجربها في الحل والترحال أبناء ذلك النسيج من الدواوير المنتشرة على سفوح الاطالس. إن عددها كالنجوم لا تحصى ولا تخفى والطريق إليها كأنما هو ارتقاء مع طائر الروح. الشاعر إنما يخرج باحثا عن الإشارات، يظن انه يجدها في لوحات التشوير و لبنات المباني و أقواس المساجد ومداخل المخازن و أسقف الكنائس والبيع وعلى شواهد القبور وفي أرطال الكتب بل يدخل من أجلها عتمة الكهوف ” ئفران” كأنه بحاثة يريد الاستشهاد في طبقات الأرض فيعبر روافد الانهار” ئغزران” بحثا عن تلك النقائش الجميلة التي كتب بها التاريخ. نرى هنا أن البحث الذي يجريه الشاعر بكلماته يجريه الشعب بحياته في تلك المرتفعات عن الهوية وعن الحرية، فهل يجد او لا يجد شيئا في هذا الكفاح الصعب:
ناݣ ن ئفران ستاراغ ئغزران
نا_ ݣن_ نيف_ را_ نس_ تا_ را _غي_ غز_ ران
على القارئ أن ينظر الى التضعيف الواقع في أداة الاشارة ”ن” بعد فعل الاستطلاع ” ناݣ” فهو بغير تفكيك يربك التقطيع العروضي وقد نظر الأستاذ داوود السوسي في كتابه ”أسقول” هذه المسألة تنظيرا جيدا للغاية وهو اجتهاد لم يسبق إليه وهذا لذلك تقطيع البيت
ناك ن ئفران ستاراغ ئغزران
نا_ ݣن_ نيف_ را_ نس_ تا_ را _غي_ غز_ ران
هذه صيغة تامة للوزن ما في ذلك شك و تجد حاملها في المقطع التاسع وهو قوي للغاية بسبب ازدواج الحروف الثقيلة ويبلغ السطر عموما في هذا مبلغ القوة عندما يتم تثليث الحروف الواقعة في مواقع الأوتاد و قلما انتبه الشعراء إلى ذلك ومنهم من يلاحظ أن دا لال و لا دال أضعف من بقية الصيغ. إن في السطر الموالي صيغة أخرى للوزن
ؤلا توصكا تالي باهرا يقدمن
لا لا لاي لا لا لا لاي لادلال
إن شاعرنا بعد أن يجوب الجبال ويدخل الكهوف و يخترق الوديان يجرب هذه المرة الأبنية ويخص منها تلك المتناهية في القدم لان المبحوث عنه قديم وعزيز. يتصور الباحث انه ذخائر تنكشف يوما ما كالكنز الذي يحتويه حرز متين فيسير في أرجائها كالروح التي يقول الناس أنها تعود إلى دار فنائها لتودع وداعا أخيرا كأن الموت الأول لا يقتله. هذا في مرويات الناس.
3_ رسم و رسم:
يلتفت الشاعر وفي التفاته ألف التفاتة وهل يحصي المرء عدد الذين التفتوا الى تلك البنايات العتيقة. تشعر أنها نتوءات تمتد فيها طبقات الأرض لا أحجار او أتربة مرصوصة هذا شعب يملك نفسه ويحرث أرضه ويجمع زرعه، وادع مستقرا لا يحس الكروب ولا الحروب إلا ككل حي يحس بعض ما في الحياة من شقاء. يلتفت الشاعر ليرى الرسوم من أثر نقش الأجداد في طفولة التاريخ على الحجر فلا يرى رسوما بل رسوما هذه الاخيره ليست وشما على حجر بل كواغيط في قصب تحد الأرض وتورث الحفيد وتنسب الى الأصل الوالد والوليد وربما حكت العلم والشأن البعيد, تسمى في لغتنا ” تيݣمامين” وهي كأعواد الناي القصبي المشكل على هيئة التابوت لترقد فيه وثائق الأرض وأهلها وإنتاجات العقول وكل الضمانات التي تشهد به الخطوط عموما. توضع هذه في كهوف الجدران لحفظها حيث توضع الشمعدانات و المفاتيح وتوضع الأغراض الصغيرة أيضا جنبا إلى جنب مع أواني الإدام من زيت وعسل وسمن. كنت لأقول أن القصب هو ما يبدو من الأسقف من الأعواد الصفراء المشبكة لكن الشاعر يفتح ويغلق. نسمع ذلك من نص القصيدة:
أݣيغ ن ئسكسال ؤر كيس زريخ
أمندو كرا ن ئغانيمن أد زريخ
يرتكب الشاعر الوقف من جديد في هذين السطرين و نرى أن يجمع كلمة أغانيم على ئغانيمن فتنحل المشكلة دون التدخل في تركيب السطر. لا يعثر الشاعر ودون التصريح بشيء سوى على حاويات الوثائق و سيفهم القارئ نغمة الوتر الذي يلمسه شاعرنا اللوذعي فالقصب معلم قديم لا يزال يعلم، وتلك الأظرفة الخشبية يعلم المرء ما فيها : صكوك بملكية الارض لأهلها كتبوها بانفسهم لانفسهم بلغة البيان التي علمها منهم لاهل الارض ” أجروم” حتى حملت تراكيب اللغات اسمه و بلغتهم كذلك وذلك من بركات الكتاب العظيم الذي نزل علينا وعلى أهل الأرض ولا يدخل هذا الكتاب العظيم أرضا الا جعل أذلة قومها أعزة الا ان يأبوا ونظر في عزة العزيزين أهي حق أم باطل وكذلك يفعل. تاريخ طويل من النبوغ والعلم باللغة العربية الدولية التي صنعتها القوميات المسلمة وغيرها بين الخطا والصواب حول نواة البيان القراني الذي دستر لغات البشر داعيا للأمة الواحدة والتواصل الدولي القائم على الايمان والعمل الصالح لكن الشاعر يفتح التوابيت تباعا فيعثر على مكتوبات غير الرسوم العزيزة ولا يجد تلك النقوش التي تبدو كالجروح الغائرة في وجه الجبل.
أ وانا رژمغ ننا واي أغ لان
أ-وا-نار-ژم-غن-نا-واي-يا-غل-لان
نلاحظ على هذا السطر تضعيفه الحروف في مواضع عديدة ومعلوم ان تفكيك التضعيف او تركه ينقص مقدارا غير محسوس من الوحدات الصوتية لكنه لا يعرض الوزن لاي اختلال الا إن تكرار التضعيف يحسس بالنقص الصوتي في المجموع دون ان يصل الى الاخلال بالوزن.
فتح الأظرفة و إغلاقها والشعور بالحاجة الى العثور على الذاتي لا المكتسب وان كان بين الامرين تشابك هو نوع من الأمل المشوب باليأس لذا فالبحث متواصل و الحفر الهوياتي يستغرق الزمن تلو الزمن لأن المطلب عزيز و سنرى عنصر الحسم عما قريب ماذا يكون.
نقرأ بالفعل في السطر التالي د فعل البحث والتنقيب” نسيݣل” ونلاحظ صرفه في الجمع أما استمرار البحث في الزمن المتطاول فاننا نراه في تعبير اليوم والغد ” غاس صباح ” كقولهم صباح مساء للظرفية و للتأبيد.
4/مسح أركيولوجي وحسم تاريخي:
ان التمييز بين الاركيولوجيا والتاريخ في الثقافه المغربية سيكون معركة فكرية هائلة و طويلة لكنها معركة لا تملك الا وسائل بسيطة أمام واقع الامة المغربية على الصعيدين المادي و الأدبي. تتراجع مساحة العلم بمفهومه النقدي لصالح الايديولوجيا و خطاب الاحتجاج و حمولاته الاجتماعية والسياسية والنفسية و تقل إنتاجية الفرد. سيفتقد المغاربة لمزيد من الوقت شروط فهم حركة التاريخ ووضعية المادة الوثائقية و حاجات المجتمعات، وتلك معادلة بمجاهيل كثيرة نراها تعضل امام انظار غير ثاقبة. نستغرب حقا ان يكون الشاعر يقع من العبارات على التي تصرف الشعور حيال هذه المسألة مخاطبا صخرة التراث
أ تاوونت ئغ تساوالت أ عضراخ
أ-تا-وون-تي-غت-سا-وال-تا-عض-راخ
إن من الاسماء الكثيرة التي تطلقها بيئتنا على الصخر “تاوونت” وقد أنثت هنا للتصغير المفيد للتحديد و نجدها كذلك ” تاژروت” و” تاݣونت” وغيرها ولم يخاطب الشاعر الصخرة الا بشرط ن تنطق، وكيف تنطق الصخرة إن لم تكتب وان كتبت فهي “نقيشة” وأول ما يخاطبها به الاعتذار” أ عضر أخ”. واضح ان ما سيعتذر لأجله شاعرنا هو الذي سيأتي أي مسألة الحسم التاريخي وتحليل الوجهة، لكننا نرى ان الاعتذار له شحنة نفسية هائلة هنا وهي ان طائفة من أبناء الأمة الشمالية يحسون بثقل المسؤولية المنحدرة اليهم من الأسلاف. كرة الثلج التي تمرر من جيل الى جيل. فرط بنو جلدتنا في حقنا فلم يبينوا ولم يشيروا الا في صخور و كأننا لا نعنيهم. يشبه هذا اولئك الملاك ممن لا يدلون أبناءهم على ملكيات العقار وعلى وثائق ملكيتها فاذا ماتوا عنها لم تجد ذريتهم ما تصنع. أ تهين الملكية حتى تُحْلق عطشا وتُسرق بطشا أم يتتبعون رسومها وحدودها وشهودها وخصومها فيرهقون.
يعتذر من تملكه الاخلاق لانه ينظر في سلوكه ويحس مسؤوليته .سيقول آخر: ان حقيقة الاعتذار هنا استئذان قبل الطلب، وليكن ان هذا من هذا.
إن استنطاق النقيشة لأمر ما وطلب قراءة أو تأويل. الخطاب في العمق موجه الى قراء النقائش و مؤوليها وقد كثروا الآن بعلم أو بنصفه و ثلثه و ربعه أو عدمه حتى. ما الخطاب إلا لأجل القول الفصل أو الكلمة الخاتمة النهائية. لا ينسين احد ان الشاعر هنا يخاطب صخرة لم يجدها بعد وهو تائه في سبيلها في الجبل وفي الشعاب وفي المباني الأثرية كأنه شعب بكامله يحس هذه الحاجة و يقاسي من أجلها. يبث الشاعر معاناته اليها و يشكو عقدته الى صفحتها حتى تنطق بلا تثريب ولا ملامة لتقول كلمتها النهائية” أوال دا يݣران” . من جهه يريد الشاعر كلمة أخيرة بعد ان شحت الكلمات ويريد فرقانا أخيرا يحسم المعركة:
ئني يي د كا يا واوال دا يݣران
نلاحظ من جديد احسان الشاعر في هذا السطر فصيغته تامة غير مزيدة ولا منقوصة، وهو نفس الاحسان في السطر التالي حيث يصرح بالغاية من القول الفصل والهمس الاخير وتحديد الوجهه في حال الضياع:
أ نيسان ماني را ناتس ئغ جليخ
أ-ني-سان-ما-ني-را-نات-سي-غج-ليخ
استعمال الشاعر للضياع فعل”جليخ” ويستعمل للفاعلية والمفعولية معا وقد ارتأى الشاعر ان تكون كلمة الصخرة علامة تشوير و يكون الحسم التاريخي مناعة ضد الضياع وسنرى ما الذي يذكر الشاعره بالضياع في هذه المرحلة فيستنجد بالعقيدة أو ينجدها، لكن قبل ذلك لنشر إلى أن النقد عندنا و النقد الفني بالضبط لا يعني قراءة النص والبحث عما فيه من صور وتحليل حمولاته اللغوية وتحديد مضامينه ولا حتى جمالياته ومباهجه. ان هذه المهمات يفعلها النص نفسه وان عجز عنها او عجز عنها القارئ فلعجز الشاعر او المتلقي نفسه. كل هذا لا نسميه نقدا. النقد في هذا المستوى ضعيف و التفسير الخارجي هو الحل. ان القصيدة لا تكون كذلك الا لما يكون لها قصد خارجي تنفتح به عباراتها على التجربة والصراع الجماعي المحايث للتجربة التاريخية للامم .النقد التقليدي هو أدب أقل من النصوص قليلا ولا يؤدي الا مهام التعريف بالنص مهما ادعي من تنوع المدارس وتكامل ادوارها. ان التعريف بالنص و سطوعه اللغوي ومضمونه ليس الا قشورا تنال من النص الادبي ولا يزال بها النقد على مبعدة بعيدة من النقد. النقد الحقيقي هو العلم التفسيري الخارجي. لفهم ذلك نسوق من علم نفس الاحلام مثالا وقد كان من مرفقات التحليل النفسي. انه لا يهم ابدا ان يروي الناس شيئا من احلامهم و يطنبوا في وصف مشاهداتهم ( الانتاج الادب اليوم) ولو بلغة رائعة كما لا يهم أن يوجد من يشرح للناس هذه المرائي ليكتشف منطقها الداخلي او أشكال الرؤى فيقول مثلا أن عدد من الناس يرون المد البحري او يعيشون تجربة الركض الى الخلف او انهيار القدرات أو تضاعفها او ان هذا الحلم مثير بهذه الدرجة أو تلك. علم الاحلام إن وجد حقا فهو علم تفسيرها العام اي تفسيرها خارجيا لا لشرح ما تقوله بل لماذا تقوله. لماذا يرى المرء مدا بحريا في عتمه الدماغ المغلقة وهو نائم. هذا ان كان يعني شيئا في تجربة الفرد كونه مثلا يخاف من البحر او يتخبط في الحياة امام المشكلات الكبيرة فيراها في الغرق او غير ذلك من التعبيرات فهو غير مهم وان كان التفسير مهما. هذا موجود و المعبرون كثر من قديم لكن علمهم محدود. متى يصبح هذا العلم علما عندما يبدأ بتفسير الأحلام على انها دبيب حركة الجماعة في نفس الفرد فالفرد ليس وحدة تاريخية لكنه يعيش حياة تاريخية. مهما بدا من استقلال وبعد بينهما فالحاصل أن حياه الفرد لها وعاء تاريخي كبير في المحيط والأمة والعالم وهو في الغالب لا يعي البنيات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الا ان تثقفه الثقافة بها. هذا بالضبط ما يحدث في الفن و النقد. الفن هو القدرة على تمثيل عقد الجماعة في التاريخ بالمجاز واللغة ان كان المجال مجال فن الكلمة والا فبغيرها، و النقد هو القدرة على كشف درجه التمثيل وحجم التأثير على هذه العقدة باتجاه الحل. سيقول المتعجلون اذا تذكروا ضعف الاعمال بهذا المقياس في ثقافتنا بانه حصار شديد للأدب والإنتاج وانه استدعاء للمعارف والعلوم والثقافة الى بهو الادب للإعلاء من شانه او للاستعلاء عليه. هذا سوء فهم بعيد. لا يحضر اي شيء في النص الفني الا كمفتاح خرائطي لعالم التجربة الجماعية والقدرة على رسم تصغير لعالم التجربة المعبر و المحلل بالسلم اللغوي المناسب هو المقدرة الفنية التي يكشف عنها النقد والا فلا شيء بإمكان النقد فعله امام النصوص الفارغة ذات الطابع التجريدي او الرومانسي او الطبيعي او الديني أو التأريخي أو الايديولوجي اذا لم تستعمل هذه الأطر لبناء الجمل المفيدة وتعني الإفادة الدلالة الخارجية طبعا. الفن هو ما يجب ان تسميه الدولة فنا و تهتم به و بتكويناته و صناعه ان وجدوا والطرق المؤدية اليه لانه ثروة وطنية قومية ترتبط بالثورات الاخرى التي تسيرها أجهزة الدولة، اما طبقات الدراويش والمجاذيب وأشباه المتعلمين وصناع الملاهي فلا يوصفون بالفن اذا غنوا للجمال والطبيعة والاخلاق والقيم الإنسانية وغير ذلك من الاقنعة الثقافية البالية. الثقافة النقدية تخدم الفنان والفنان يخدم النص و النص يخدم الجمهور. كم مرة قيل انه لا يوجد جمهور للمبدعين عندنا. انه لا يمكن في هذه الظروف ان يوجد جمهور لانه لا يوجد اهتمام طبقي ثقافي واع يصدر عنه فنان يتناول سير الجماعة بما يلزم من التمثيل فيعوض ذلك بالفلكلور الفارغ والذاتية الصماء و الاستلذاذ و التفاهة . إن هذا هو ما يعزل المرء عن التاريخ والفن و يغذي التقاليد الادبية الميتة والمميتة. قد يحدث الانتاج الفني بشكل محدود وبدون ثقافة عالية اذا لامس المبدع العقدة او تناولها بالصدفة و وفق في ألفاظها. يطلقون على هؤلاء المنتجين بالعباقرة السذج لانهم غير واعين بالمهمات الرفيعة التي تنتظرهم لكنهم قد يوفقون الى العبارات او السرديات الدالة المفيدة للعقدة و تزداد فرص ذلك عندما يتناول المبدع الموضوع مباشرة. لقد راينا كيف وفقت قصيدة الرايس سعيد أوتاجاجت ” أمجرد” كما لم توفق قصيده اخرى بنفس العمق ( انظر كتابنا الإجادة) وسبب التوفيق اذا أهملنا شيئا قليلا ثقافة الرجل القرائية وصراعاته الفكرية وتنامي وعيه الفكري يعود الى تناول الموضوع في الموصوف (اي العمق في السطح ) .لابد ان يدرك القارئ ان اللغه في الفن المكتوب هي ما يعطي للنص القدرة على ملامسة حركة التاريخ في نفس الجمهور. الجمهور بالضبط اذا لم يكن نخبة المجتمع المتعلم الناقد الذي يؤثر و يتأثر بإنتاجات النافذين فيه فليس جمهورا بل جماعة من المستهلكين الواقعين خارج التاريخ. جماعة تستمتع بالتراث الفلكلوري وهو يمثل الجزء الميت المتخشب من ذاتنا ولا شك ان مشهد الناس من النخب المتعلمة اذا لم يفرض عليها ذلك وهم يستمتعون باللوحات الفلكلورية يعبر عن مأزق ثقافتنا وهو لا شك يدل على محدودية الفكر و الوعي. إن الموروث بغض النظر عن تخشبه و موته لا يناسب الا البحث التاريخي كوثائق دالة على التاريخ الماضي وليس بديلا ولا ملهما للفن الجديد إلا كموصوف دائما. الفن هو حالة التطابق الفكري الصحيح بين التاريخ والتأخر يستوعب الإبداع آليات التاريخ المتقدم و نواقص و احتياجات التاريخ المتأخر ويعالجها و يلحقها لكن في جانب غير الجانب المعرفي والفكري بل في الجانب الذاتي أي ما يعود الى الشخصية القومية و مأزقها وعقدها ومشكلاتها الطويلة.
قلنا ان الضياع هو واقع مظلم و أفق محتمل وهاجس الضياع الهوياتي هو الذي أعطته الحركات الايديولوجية ومنها القومية الأمازيغية دلالات مباشرة و ساذجة أفقده بشكل محزن الدلالة التاريخية الصحيحة، وهذا ما جعل هذه الحركات نفسها تتحول الى الرجعية و التقليدانية وتفقد بوصلة النظر التاريخي المعتدل الى شؤون التاريخ والسياسة والاقتصاد والدين وغيرها مع ضعف الانتاج. ان الحركة الايديولوجية التي عبرت عن ظروف ذهنية و مادية ضيقة بعد شهيق الاستقلال لم تؤسس فكرة النهضة القومية بقدر ما عبرت عن الحاجات و جابهت خصوما داخليين بمنطق المخالفة فلم تصلح الثقافة ولا الدين ولا الاقتصاد ولا القانون بل دفعت الفرد إلى الانعزال والتعصب و الغنائية وتضميد جراح التخلف بتبنيه كمظاهر هوية. لا يعني ذلك ان مشكلة الهوية ودورها و أثرها و التنبيه عليه في التاريخ أمر مارق. لا، بل هو صواب عندما يكون وعيا نهضويا تتوازن فيه معطيات الواقع التاريخي من اصلاح ديني، واقتصاد صناعي، وديمقراطي، سياسية ،وهو الذي يسمى حداثة.
هنا يستحضر الشاعر عنصر العقيدة وهو واقع لم تؤدي فيه الهوية الا دور الشغب و الشغب ليس فكرا نهضويا ولا عملا فكريا منظما هدفه معاكسة الخصوم ومزاحمة الغير ولعل ذلك ما قال في شأنه شاعرنا في قصيدة أخرى
أ طالب ؤر ؤسين ؤر ژرين ؤر يوضر أيدا يان
5/ الاسلام والعقدة:
ليس من الصدفة ان يستدعي الشاعر باب العقيدة في هذا المجال فرب السماء” باب ن ئݣنا ” هو ضامن الوجود لمن يريد وهو صانع المعروف والجميل ولعل هذا الجميل يدخل فيه هذا التاريخ الطويل من الصفاء والأمن الذي تكدرت صورته فجأة تحت ضربات البحث وتحولت إلى لعنة الأجانب وشقاء الوعي وضيق النفس
أ باب ئيݣنوان أ مو سنخ جميل
ئݣا ياغ د ؤموسلم ؤر تا نݣز أكال
الصخرة وان كان لها دور في بروز ملامح من الماضي العريق وان كانت شارة تشوير الا ان الله هو الذي منع حديدة الإبادة و مقص القطيعة النهائية والا فما الذي كان سيحدث ولم يحدث .وهو الذي يمن على الشاعر أيضا بالاسلام.
إن إشارة الشاعر هنا إلى الفضل الذي للذات الإلهية عليه إذ هدته إليه قبل الالتحاق به هو في في ذات الآن جميل على الثقافة. وهنا يظهر المعطى الإسلامي الذي ملأ حقبة طويلة من تاريخ الأمازيغ دون أن تختفي وكيف تختفي وقد علم الكتاب أن لا يقطع دابر الألسن والشعوب والقبائل فبقيت القوميات المسلمة كثيرا و طويلا. إن الفضل لله. هذا ما يقوله الشاعر. فضله على غرس إذا أريد أن يقطع جذر من جذوره تراه مشتدا وهو طويل. يبالغ الشاعر فيقول أنه تستطيل سيقانه كل يوم مقدار ذراع وتلك مبالغة
أ وانا ئران ئبي يايس ئژغران
ئغيل أس أغ تزاياد زيك صباح
هل رأى القارئ كيف أن أسلوب المبالغة لا يساوي اي شيء في وجه هذه الإشارت البعيدة. الإسلام شيء كبير . حضارة عظيمة. حضارة الأمازيغ أنفسهم والحضارة ليست قيمة بل منفعة فيها الصالح و الطالح، والغث والسمين. دين وتاريخ طويل بنته شعوب كثيرة كانت تتواصل بالعربية الدولية كما تتواصل اليوم بلغة أخرى غير اللغة القومية الوطنية. الإسلام إذن في المعمعة. نعم هو كذلك. حركاته و شخوصه و خصومه وشانئوه وأتباعه ونصه وتأويله ومستقبله. هو قبل الإصلاح وبعد الإصلاح. جمهوره وعلماءه. التاريخ طويل متشعب ولابد من التروي للنظر غير العاكس للحاجات و الاغراض و النقص والفقر والفاقة وضغط الأعصاب. هل من السهل ان تغلق الابواب في وجه الإسلام أو تضعه في جيبك بغطرسة وهو ما هو ؟يستغرب الشاعر أن هذه الحروف التي خرج الى الجبل باحثا عن صورتها ومصادفا أرطال القصب المكتوب ومستمرا في بحثه تنجو من مقالع الجذور وتضاعف طولها قفزة العمالقة. ما هو الحل أمام هذا الشعور وهذه بعض علاماته في التعبير ولم تبدأ بعد. ليس بمقدور شخص واحد مهما علت عبقريته أن يدرك ويحل مشكلات التاريخ في عمره القصير لأنه ليس وحدة تاريخية. خلايا التاريخ هي الجماعات او كما يقول الماركسيون وهم أعلم الناس بالتاريخ أنه كليات. الحل تقدمه الاديولوجيات مجزءا ويستوعبه الفرد المثقف كاملا بعلم النقد الايديولوجي والتاريخي ويجهد في شرحه والتعبير عنه. الايديولوجيات جزر في أرخبيل واحد تعكس كل واحدة حاجات قطاع فيه، وهي كالموجة التي تعبر عن حمولة و اندفاع ينتهي في وسع و أمد معلوم لتلحق بها موجة أخرى تفرغ حمولة أخرى والبحر واحد. الحل هو الوحدة التاريخية في وجه التأخر الذي بدأ منذ الاحتلال. الاصلاح الديني الصادق والثورة السياسية الديمقراطية والطفرة الاقتصادية الصناعية عناصر كبيرة يسمى العصر الذي ظهرت فيه بالحداثة ويشكل تخلفنا التاريخي عنها حين ظهورها سبب الضياع الذي يفسر على هذا النحو أو ذاك ووسط التفسيرات وبانتظار الانفراج التاريخي تحدث فوضويات كثيرة شخصية و جماعية لايمكن التحكم فيها إلا بمقدار الوعي بما سبق وأداء هذه الأدوار النبيلة في الفن محل الحركات “الجمالية” المقززة في عالم الخواء القاتل. يعجبني ان الشاعر يسحبه الشعور السابق في هذه (السردية الشعرية القصيرة) إلى الحل وحل العقدة ” تمكريست” وليس تاموكريست التي تعني في لغتنا المشكلة هو ملامسة خيوطها بدلال لأن هنا الكثير ممن بلامسونها بعنف. أمام هذا الشعور العنيف والعميق جدا وبإمكان كل فنان حقيقي أن يلمسه خاصة في النثر بطريقته يدعو الشاعر النحلة “تازويت” وهي في ثقافتنا طبيبة معالجة لتصعد الجبل كأنها ستفعل ذلك معه او مع شعب الجبل. مع أولئك الباحثين عن الذات والهوية وموطئ القدم في التاريخ. يريد الشاعر أن يسمع أزيزها وهي تحلق باحثة عن الحل.
ربا أتازويت تاوان ئ ودرار
ئمزاغ سنقرن ؤكان ئ تغريت نم
هو إذن يريد عسلا والعسل يقتضي ربيعا. كأنه ذلك الربيع الذي قلنا أننا ننتظره “تافسوت ن ئمازيغن” . وقد يأتي الربيع ولا نحصد زهره وإن دفعنا مهره. تلك مسألة الاقتصاد والفائدة ” أنفاس”.
ئغ ؤر ئلي ونفاس ؤر ݣيس دعيخ
لا فائدة من العمل وإن عملنا وصبرنا. هل نحن فعلا قوم محقورون. إن بعض إخواننا ذكرونا بمسألة العمل والجهد وقالوا أننا عمال أو مزارعون وقالوا اتحدوا واحملوا مناجلكم ومطارقكم فهذا سلاحكم الوحيد لكننا طردناهم من ضمائرنا وهذا خيط آخر في العقدة. هل التفسير الهوياتي لكل مشاكلنا التاريخية حل أم مشكل تنبع من التخلف. لماذا لم يفهم المغاربة الفكر المادي التاريخي ولم يرتقوا إلى مستوى الخلدونية التي اكتشفها فيهم الأوربيون من المدارس المادية نفسها.
يقول الشاعر انه قد لا يكون شريكا في الربيع إذا أزهر “ؤر ݣيس دعيخ” والسبب انه قد يحرم. أليس حياتنا دوامة من الحرمان. إن الشاعر هنا نفس متلهفة إلى الحل لكن الأفق مفتوح. الحل في العلم عندما يتحول الى ثقافة وفي الوحدة. المغارب لم تجد وحدتها في قواعد الاقتصاد وتشكل حسب أرقام الاحصاء أقل البلدان تكاملا و تعول في مخططاتها على الترهل و التبعية و الانغلاق واختار المغرب الغطس في افريقيا من أجل للتنمية لان ابواب الأوربيين ذكية. يقول الشاعر أن الماء يروي إذا احتوته الحقول. يجتمع كالبحيرة في حوض الخضرة والفاكهة. هذا دليل الري والرواء حتى لو حكى العطش لمن في السهل أهل الجبل.
هذه بضع ملاحظات تجد تدقيقاتها في نص آخر عن قصيدة أخرى يتضمن تعاريف نظرية للفن وأدواته ولغته و أهدافه و نختمه بالملاحظات التي كأنها استجماع وتركيز لما سبق
– هذم ملامسة لعقدة المغارب التي لا تعي بعد نفسها في التاريخ و بالتركيز والشكل والأبعاد المطلوبة في نص ليس ذروة الوعي والإجادة لكنه أفضل كثيرا من كل ما طالعناه بلغتنا في الشعر وهو يقول لكتاب الشعر الجدد وبلساننا “ݣنات أد تسونفوم”
– العقدة ليست مشكلة أو ضائقة او مرض بل تشابك خيوط التاريخ القومي والديني والعالمي في النفس الفردية
– العقدة لها هيكل سردي وكلما تعمقت اللغة تعمقت وأبرزت.
– العقدة ليست محتوى النص الا إذا تناول النص مشكلات تاريخية او قاربها.
– ان القضية الجماعية الدفينة والتي يستخرجها عمق اللغة و يدللها باستعمال معطيات متنوعة هو الذي يسمى الموضوع
– ان موضوع الأعمال الفنية المقتدرة ليس هو موصوفها اي مضمونها
– ان النصوص الحاملة للعقدة والتي لها هيكل سردي تخدم الفن وتنفتح على السرد وتكسير البنية الشعرية.
– أن الثقافة الأمازيغية لم تعرف في العصر الحديث أي خطوة خاصة في الشعر باتجاه التعبيرية الفنية بل بقيت لصيقة التعبير الميت.
– ان التعبير الأمازيغي معرض للضياع بسبب عدم الامساك بمفهوم الفن وغياب النمذجة وسيادة العقل المستقيل في الفنون.
– ان التعمق الثقافي والفكر التاريخي هو الذي يخدم قضية الفن من باب الدراية وهذا الوعي يسمى ب” الوعي السابق”
– ان الحكم على الشعر وغيره بضعف المستوى الفني هو الذي يجعل الانتاج استهلاكيا وشقشقة فارغة ولغة بسيطة عادية ويغيبه في المحافل العالمية عن الدراسة والتتويج
– أن مفهوم العالمية هو الوصول الى تناول القضايا القومية باللغة التي يفهمها العالم ولكنها تتناول الذات القومية فنيا وليس الصيت العالمي كما يتوهم ضحايا العولمة.
– إن معظم الموضوعات التي يتناولها الشعر الأمازيغي وعلى رأسها الحكمة الفلسفية والخبرة الاجتماعية والحياة الشخصية و العواطف والتأريخ والنضال الايديولوجي بعيد كل البعد عن الفن.
– إن التيارات الكتابية رغم مجهوداتها الكتابية ومنها كتابات القصيدة النثرية وقعت فريسة غريرة للوعي الناقص واللغة البسيطة و المفاهيم الدراسية أو التقليدية.
بقلم ذ.اسماعيل أبلق
لا تعليق