عمر واهروش ..رائد السرد القصصي في ترويسا

     ولد الفنان الحاج عمر واهروش بدوار تيحونا ن ايمزيلن ، بقبيلة مزوضة ناحية مراكش بالمغرب، وتتضارب المصادر حول تاريخ ولادته بين سنة 1926 و 1933, نظرا لعدم دقة تسجيل سنوات الولادة في تلك الفترة. 

       ولج ترويسا ،فعليا ، سنة 1952  كفنان ومقاوم للاستعمار الفرنسي، إذ أنه سجن ثلاثة أشهر في سجن إمنتانوت من طرف القائد المزوضي بعد أن أدى قصيدة «الضابط» أمام الملأ، واستنكر فيها الضرائب التي فرضها المستعمر أنذاك، بحضور الحكام العسكريين وقائد المنطقة في حفل أقامه أحد الأعيان،وخرج من السجن بعاهة على مستوى الحاحبين فوضع النظارتين على عينه منذ ذلك الوقت . 

     وامتدت المسافة الابداعية للفنان المرحوم عمر واهروش لقرابة أربعة عقود ونيف ،وهي فترة خلد فيها روائع غنائية في منتهى الجمال الفني الامازيغي .

     والمتتبع لمنجزه الغنائي سيقف لا محالة على اجتهاد الرجل وسعيه الجاد من أجل اغنية امازيغية برسائل ومغازي بعيدا عن التفاهة.

      عرف عنه،رحمه الله ،  تمتعه بروح مرحة  وانتقاده للأوضاع بطريقة ساخرة. 

 وانتشرت أغانيه وطنيا، وشارك في عدة تظاهرات ومهرجانات وطنية، كما زار عدة أقطار أجنبية مثل فرنسا سنة 1963 و بلجيكا في 1964. بعدها أدى مناسك الحج سنة 1968.

     صحيح أن الرجل أبدع في حدود القالب الموروث والسائد في فن ترويسا إلا أن الخاصية التي تكاد تميزه عن بقية الروايس هي امتطاء صهوة السرد في الإبداع الغنائي.

      ركوب السرد والحكي في مجال الغناء يقتضي مهارة تطويع الكلمة وتسخيرها لخدمة الموضوع ، ولايستقيم النظم فيه الا لمن خبر المجال وجال بين الأوزان وتمكن من لغة النظم.

       الفنان واهروش من طينة كبار ترويسا ولجها من أبواب أسايس وما رافق ذلك من صحبة الكبار ،فقد أوصى عليه والده واحدا من أهرام هذا الفن، واقصد هاهنا الراحل (عمر إجيوي) فكان فعلا تلميذا نجيبا سار على نهج من سلف من اهل قبيلته(امزوط) المشهورة في فن القول الشعري والنظم الغنائي .

     واهروش سار في درب طرقه غيره بخجل ولكن الرجل برع فيه إلى حد القول أن انتاجاته الفنية تكاد تنحو في اتجاه السرد القصصي ،لذلك وجدناه يسرد على مسامع المتلقي سير وقصص الصالحين وققص الغرام والغدر والخيانة باسلوب شيق يشد السامع دون ملل اوكلل حتى وان تكررت الأغنية /القصة لمرات عديدة . وأذكر هنا ببعض الانتاجات الغنائية المشهورة بمنحاها القصصي: (موت الرسول / المرأة التي خانت زوجها وغدرت به / قصة بطومبيل فياط / قصة اونمير ……)

       وتجدر الإشارة إلى أن آخر تسجيل لعمر واهروش يرجع  إلى سنة 1987  قبل أن يداهمه المرض في نهاية عمره ويدخل مستشفى الأمراض العقلية سنة 1991.

     توفي الحاج واهروش رحمه الله وأسدل الستار على حياة فنية زاخرة  يوم 27 أكتوبر 1994 بمراكش, تاركا وراه سجلا غنيا من الأغاني الأمازيغية.

          إن المتتبع لإنتاجه الفني سيقف لامحالة أمام فنان/قاص ،حاك بأسلوب رائع، ومدرسة حقيقية ضربت بجورها في أعماق التاريخ.

             بقلم :محمد ايت بن علي

أيت بن عليAuthor posts

Avatar for أيت بن علي

من مواليد 1968 بدوار الفݣارة -اݣدز اقليم زاكورة؛ -حاصل على الاجازة من جامعة ابن زهر شعبة الادب العربي؛ -متصرف تربوي،يشغل مهام الحراسة العامة باولاد تايمة ؛ -باحث في التراث الثقافي والفني الامازيغي ، ومهتم خصوصا بفن ترويسا ؛ نشر مقالات في مواقع وصحف الكترونية وورقية ؛ له مشاركات في ندوات علمية محليا وجهويا ؛

لا تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *