براهيم بيهتي.. صوت تيرويسا في المهجر
من الفنانين الكبار الذين بزغ نجمهم في سبعينيات القرن الماضي هنالك في ديار الغربة ،وتحديدا بفرنسا بعد أن تمكن من قواعد الفن في موطنه هنا بأشتوكن ، نستحضر الفنان الرايس إبراهيم بهتي المزداد في نهاية في ثلاثينيات القرن الماضي بنواحي ايت ميلك بأشتوكن، تعلق بأسايس منذ نعومة اظافره ،اذ جذبته (الهوا) الى أحضانها في موطنه وانخرط مع شعراء وشباب قبيلته في أداء رقصات “اجماك”.
أجماك فن من فنون أحواش ونمط غنائي تراثي يجمع بين ارتجال الشعر ،في قالب حواري ،مع الرقص والايقاع بشكل جماعي ، وانتشر هذا النمط تحديدا عند قبائل أشتوكن وأيت بها وماسة .. ولعب دورا مهم في بروز شعراء وفنانين أغنوا مجال ترويسا وأفادوها بالشيء الكثير .
ومن هذه المدرسة التراثية الجماعية غرف الفنان الكبير إبراهيم بهتي أسس الفن الأصيل ،واكتسب مهارة القول الشعري ارتجاليا ،الامر الذي انعكس جليا على مساره حين أصبح “رايسا” لا يشق له غبار في فن ترويسا قولا وأداء وعزفا وتلحينا .
وبزغ اسمه فنيا خلال تواجده بالديار الفرنسية نهاية ستينيات القرن الماضي حين هاجر طلبا للعمل ،إلا أن ذلك لم يثنيه عن الفن الذي تشبع بأصوله وهو في موطنه . ونظرا لوجود جالية مغربية امازيغية بالمهجر ،فرنسا والدول المجاورة، فقد قرر بهتي أن يصدح بأعذب الالحان على نغمات الرباب متجولا بين العمال الأمازيغ خلال ايام العطل والمناسبات الوطنية التي لها صدى في ديار المهجر (عيد العرس، الاستقلال ، ذكرى المسيرة .. الحفلات العائلية كالأعراس…) فأصبح الممثل الرسمي لفن ترويسا هنالك ،فكان لابد أن يلتقي بالروايس الذين يزورون الخارج كالعملاق البنسير وأمنتاك وغيرهم ممن تطأ اقدامه فرنسا منذ السبعينيات الى حدود التسعينيات من القرن الماضي ..
بهتي غنى باسم المغتربين ليكشف أحوالهم وحنينهم الى الوطن الأم ، وغنى للحب والسلم ، مع عالج ظواهر اجتماعية فنيا ، ودعا الى التشبت بأصول الهوية والدفاع عن المقهورين والفقراء .. لقد كان فعلا سفيرا لثقافة الامازيغ- اهل سوس- فنا ولباسا .
بهتي الذي اعتبر الرايس الحاج محمد البنسير نموذجه وقدوته في مجال ترويسا تواضعا منه ،لأنه فعلا من البارزين الذين بسطوا ريادتهم منذ السبعينات .
والمتابع لمنجزه الغنائي- المبثوت هنا وهناك (سهرات ،حفلات ، مناسبات…) لأنه كغيره من أهل اشتوكة امتنعوا عن التسجيل لأسباب تظل مجهولة ،وحتى وإن تفهمنا ان جلهم لم يتخذ الفن سبيلا للعيش وانما استجابة للعشق والهواية لاغير ، سيلاحظ ان أغلب أغانيه اختار لها أثناء الأداء تقنية أمجرد وهذا اللون يحتاج الى الفطنة وسرعة البديهة لانه يعتمد الإرتجال في القول ،ولهذا سنجد الأغنية (القصيدة) الواحدة بروايات غنائية متعددة تبعا لتغير الفضاء والمناسبة .
الرايس بهتي نحت اسمه على صخور ترويسا في زمن أمتلأت الساحة بنجوم كبار (واهروش ،البنسير،امنتاك لمتوكي ،سعيد اشتوك ، المهدي، امسݣين ، بيزماون ايسار واخرون ) فصنع لنفسه مسارا يحتدى به وسيظل رمزا من رموز ترويسا الكبار .
بقلم : محمد ايت بن علي
لا تعليق