أعلام فنية خالدة (1) : المرحوم الحاج محمد البنسير
سجل المرحوم الحاج محمد الدمسيري على مدار ثلاثة عقود من الزمن حضورا قويا في مجال الاغنية الامازيغية، اذ بدأ مساره في نهاية الخمسينيات واستمر الى ان وافته المنية في خريف 1989 .
محمد الدميسري فنيا، و أجحود محمد بن لحسن رأى النور تقريبا في سنة 1940 بقرية تامسولت احدى قرى “البنسيرن” نواحي مدينة امينتنوت.
وكباقي صغار القرى ولج الكتاب القرآني فحفظ ماتيسر من الذكر الحكيم، الا انه وجد نفسه منجدبا نحو عالم أمارك ،فبدأ يعزف على الة الرباب، وأكد في حوار انه تتلمذ على هذه الالة على يد حماد أمنتاك.
البنسير سيصبح بعد ذلك من أمهر العازفين على آلة الرباب.وتشهد العديد من اعمال فنانين اخرين بخبرته في هذا الصدد حيث عمل على مشاركته عازفا على الرباب في انتاجات كثيرة ( أحماد بويزماون، اوتمراغت ، المهدي ، تيحيحيت …) وتميز عزفه (لعصرتنس) بالاصالة واعتبر امتدادا للراحل الحاج محمد اموراك المشهور كواحد من اشهر العازفين على الرباب .
في بداية الستينات هاجر إلى الخارج وقضى فترة متنقلا بين سويسرا وألمانيا بحثا عن عمل مناسب لكن كل هذا لم يبعده عن هوايته التي وهبها فيما بعد كل حياته. عاد إلى أرض الوطن وانخرط في مجال الشعر والغناء الأمازيغي الدي فجر فيه كل طاقته.
في نهاية الستينيات سيتعرض لحادثة سير خطيرة خرج منها بإعاقة دائمة الزمته المكوث في مستشفى المامونية بمراكش قرابة سنة. وقد شكل هذا الحدث علامة فارقة في مساره الفني اذ ولد فنيا من جديد وأعطاه ذلك دفعة قوية ميزته عن اقرانه وجعلت منه اسما بارزا في فن ترويسا، وتمظهر ذلك في انتاجاته كما وكيفا.
و استقر بعد ذلك بمدينة الدار البيضاء، حيث أسس مدرسة لتفريخ المواهب ذكورا واناثا ، وتفرغ (لأمارك) ليخلف إرثا كبيرا غاية في جمالية النظم الامازيغي سيبقى خالدا في سموات ترويسا على مر الازمان وتعاقب الأجيال .
ومن أشهر المنتسبين لمدرسته الفنية الفنانات: فاطمة مجاهد،فاضمة تحيحيت،السعدية تتكيت ، فاطمة تحيحيت مزين ، فاطمة تحيحيت دورجين ،بوبكر اشتوك ،مولتي حماد مزين ،حسن اكلاو…. ومجموعة من (اضرابن) .
ويعتبر الدمسيري من الفنانين الأصيلين الذين أعطو الكثير لفن ترويسا . وله صداقات مع معاصريه أمثال عمر واهروش والمهدي بن مبارك، الذي سجل معه تنضامت و جامع الحامدي، سعيد اشتوك، بهتي ، محمد امبارك بونصير …
الحاج الدمسيري قمة من قمم فن ترويسا بدون منازع وبشهادات العديد من الباحثين المنصفين.
تميزت أغانيه بالتنوع والثراء فقد نظم في العشق والدين ومشاكل البشر، وجمع بين القصيدة وتنضامت(له روائع في تنضامت مع تلميذاته )… كما تميز بجرأته في النقد الاجتماعي والدفاع عن الهوية الامازيغية.
ومن شيم الرجل الكرم والجود، فقد كان منزله في (سباتة) محج العديد ممن يعشقون الفن الاصيل ، ويحكي عنه رفيقه وملازمه بوبكر أشتوك أنه رحيم بكل المشتغيلين والمشتغيلات معه يؤدي الأجر وبزيادة كما ينفق أمواله بسخاء.
الحاج محمد الدمسيري سيرحل الى ذار البقاء وهو في اوج عطائه، اذ رحل في عمر الخمسين سنة بعد ألم اقعده في المستشفى قرابة خمس وعشرين يوما ليسلم الروح الى الباري في صبيحة الحادي عشر من شهر نونبر سنة1989.
الدمسيري ترك ارثا غنيا مبثوتا في اسطوانات العديد من شركات الٱنتاج: (كاوريكافون وكتبيفون وتشكافون) وتعامل لعقد من الزمن مع صوت النجوم باكادير حيث انتج لها ثلاثة وثلاثين شريطا.
الحاج محمد البنسير سيبقى رمزا. من رموز الادب الامازيغي ،ومدرسة في النظم والعزف رغم الجحود و التهميش الذي لازم ثقافة وفن الامازيغ .
محمد أيت بن علي
لا تعليق