في انتظار ابن سلام....
جاءني مشتكيا من ظلم من يدعون أنهم من ذوي قرباه ؛ ولسان حاله يقول :
وظلم ذوي القربى اشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند
فأطرقت منصتا إليه متألما مما آلت إليه حاله من ذل ومهانة بعد عز ووجاهة.
قال – والعبرات تقطع كلماته- :
أنا الشعر الأمازيغي …أنا الذي نطقت به ألسنة الحكماء ؛ انا الذي وصفت محاسن العذارى ومناقب الفضلاء ورثيت من فقد من العظماء وصورت هواجس نفوس الندماء ….وها أنذا اليوم يسومني كل مفلس وتلوكني الألسنة في كل مجلس…
إنها شكوى الشعر الأمازيغي الذي لا يخفى على كل ذي بصر وبصيرة ما آلت إليه حاله
من الهوان بعدما اقتحم حماه المتطفلون والدخلاء ؛ الذين أعجبوا بأنفسهم لأنهم يكتبون شيئا شبيها بالكلام احيانا وطورا يكتبون شيئا آخر لا يستقيم مبنى ولا معنى….
ساءني وأنا أتابع برنامجا ثقافيا في القناة الأمازيغية ؛ اسمه ” تيمزوورا” أن اسمع من أحد ضيوف البرنامج كلاما فيه من الجرأة الفجة السمجة ما فيه فقد كان بصدد الحديث عن إحدى المتشاعرات فبالغ في إطرائها حتى جعلها في مصاف الرواد الكبار مدعيا أن لشعرها بصمة خاصة …وأنا والله ما سمعت منها إلا مفردات متناثرة و متنافرة .
وواصل صاحبنا كلامه إلى أن قال إن قصيدة ” ماخ” المشهورة لدى الشاعر مولاي علي شوهاد لا يبعد أن تكون استلهاما من ” الشاعرة” خديجة اروهال او من ” الشاعرة” ملعيد العدناني …. و معلوم ان عمر قصيدة ” ماخ” قد يكون اكبر من المسار” الشعري” للسيدتين الفاضلتين . ومعلوم ايضا أن الشاعر علي شوهاد له سوابق في الشعري الفلسفي التأملي إن لم يكن التفلسف هو الطابع الغالب على أشعاره . ولن ينتظر حتى يلهمه المبتدئون . ومعلوم أيضا أن الفرق بين الشعر والشعير كبير والبون بينهما شاسع.
وهنا تذكرت ابن سلام الجمحي الذي أحسن صنعا إذ قسم الشعراء إلى طبقات وأنزل كل واحد منهم منزلته التي يستحقها . وتساءلت : متى نرتقي إلى ذاك المستوى من الانصاف فنسمي المسميات بأسمائها؟
إن الشاعر مولاي علي شوهاد لا يصح ابدا أن يهان بمقارنته بمن لايزال يبحث عن طريق يسلكه و عن دليل يرشده . إن علي شوهاد عند كافة شعراء سوس ليعد من الكبار الذين لا يشق لهم غبار و إنجازاته ناطقة بذلك والإضافات التي أغنى بها الشعر الامازيغي على مستوى التصوير وعلى مستوى التركيب و على مستوى المعجم الاصيل لا ينكرها إلا جحود او حقود. إنه مدرسة شعرية قائمة بذاتها واضحة المعالم يعرفها من يعرفها من ذوي القرائح المميزين لجيد الشعر من رديئه.
أما المبتدئون والمبتدئات فستبقى هذه الصفة ملازمة لهم ما لم يتصالحوا مع الشعر الأمازيغي الاصيل وما لم يصلوا ما ينبغي ان يوصل ليتعرفوا على شعر أجدادهم لينطلقوا منه فحينها -وحينها فقط- يمكنهم التفكير في تجديد ما يحتاج إلى تجديد. أما خبط عشواء فضرره أقرب من نفعه. والتجاوز قبل اللحاق لا يقول به إلا المجانين، لإن الذي يدعي الحداثة والتحديث قبل أن يعرف القديم إنما ينفخ في الرماد…
وإلى أن يحضر ابن سلام الذي سيعطي كل ذي حق حقه وينزل كل ذي منزلة منزلته.. سنظل نضمد جراح ذاتنا الأدبية ونربت على كتف شعرنا ليكفكف دموعه. وسوف نذوذ عن حياضه ما استطعنا. ولن يثنينا عن ذلك إشباع غرور المغرورين ولا تلميع صورة المغمورين.
عبد الرحمان واد الرحمة
طاطا: 21.11.2024
أحسنت النشر ايها الاستاذ كل التقدير والاحترام
الشكر موصول للساهرين على هذه المدونة القيمة ونتمنى لهم مسيرة موفقة