ظاهرة التكسير في الشعر الأمازيغي… ولادة رؤية جديدة في العروض الأمازيغي – إسماعيل أبلق، حفيد الرايس، الحاج بلعيد

56

ظاهرة التكسير في الشعر الأمازيغي... ولادة رؤية جديدة في العروض الأمازيغي

إسهامات إسماعيل أبلق وحفيد الرايس والحاج بلعيد في العروض الأمازيغي

 انتهت حوارات أدبية كثيرة في المغرب حول القصيدة الأمازيغية بتباعد الاتجاهات المشاركة فيها. تركت الأسئلة التي طرحت قلقا شديدا لم يؤل إلى نتائج تنعكس على تلك القصيدة بشيء، كأن الاتجاهات نفسها كانت غير عابئة بجدوى الحوار. ذهب كل اتجاه بما كتب وبقي من ذلك في ذهني سؤال كبير منذ مدة. كنت خلال هذه المدة أكتب الشعر بالمقاطع التي تعلمتها من نظريات عديدة لم يكتب لها الذيوع كنظرية الصامت المحرك في اللسان المغربي.  وجد هذا السؤال نفسه في أذهان باحثين كبار في العروض الأمازيغي وهو: هل فعلا تكفي نظرية المقاطع (لا ولاي) في إقامة عروض أمازيغي في المستوى المطلوب؟ هل هناك إمكانية لتجميع مقاطع من عدد ونوع معين للحصول على وحدة كبرى تسمى تفعيلة؟

كنت أطرح هذا السؤال محتشما، ظننت أنه كان طعنة غادرة أن أطلب في الأمازيغية تفعيلات واضحة بعدما تبينت قيمة المقاطع.

 خفت إن لم توجد تفعيلة أن يكون الشعر في الأمازيغية الجنوبية مثل الكلام اليومي مع خصائص إضافية كعدم تتابع المقاطع الثقيلة وخاصية الوتد لا غير.

بما أن الشعر الأمازيغي شعر كمي أي أنه يعتمد على كمية المقطع فلابد أن تضح مجزوءات في السطر الواحد غير هذه الوحدات الصغيرة (لا و لاي).

كنت أضع السطر الشعري وأتأمله وأقطعه مرات فلا أرى التكرار ولا التناوب ولا التناظر في تلك المقاطع ولا متسلسلاتها إلا قليلا في بعض الأوزان المتماثلة ك (لا لاي لا لا لا دا لاي لا لال). هذا و لم أسمع في حياتي من تكلم عن وقف ضروري لأهتدي الى أشطر. بدا لي أن هذه نقطة ضعف بالنسبة لشعرنا في تاشلحييت. إنني من الذين يتطلعون الى ما في غيرها من مبادئ زخرفية واضحة (هناك تدوير وتكرار في تمازيغت وأشطر متوازية في تاريفيت: أطناعشي).

أقول في نفسي إن اكتشف أحدهم التفعيلة الأمازيغية وشرح بها الأوزان فإن تكسير تلك الأوزان سيصير سهلا وسيظهر عمل جديد بالتفعيلات كما ظهر في غير هذه اللغة وستسجل الأمازيغية نقطة تقدم جديدة وسنرد لأول مرة على هنري باسيه الذي قال أن شعرنا يتراكم ويتناسخ ولا يضيف جديدا تحت الشمس.

لم أملك المبدأ التفسيري حتى وجدت أن اللسانيين محمد المدلاوي وفرانسوا ديل قد وقفا على نظرية خارجية واعدة في ذلك إن لم تكن قد أوفت على الغاية.

تمت تفعيلات في شعرنا يظهر بعضها في السطر وقد تخرم في البداية بالجدع أو في النهاية بالبتر. وتساوي في الأصوات 4 أوقاع (4 مور) حتى ولو اختلفت أعداد المقاطع فيها وهو ما جعلها مستترة.

-التفعيلة المفروقة: لا لاي لا

-التفعيلة المقرونة : لا لا لاي

-التفعيلة المنصرفة: لا لا لا لا

– المقطع “لا” يساوي 1 مور ونواته “أ” هي التي تساوي 1 مور في الحقيقة ولا يساوي صدره أي شيء.

– المقطع لاي يساوي 2 مور وما يساوي 2 مور هو النواة والذيل أي الجزء “أي” أما الصدر “ل” فلا وزن له.

وبالتالي فكل تفعيلة تساوي 4 مور

لا لا لاي = 4 مور

لا لاي لا=4 مور

لا لا لا لا =4 مور

إذا كنا في المقطعية مطالبين بوضع حدود صوتية بين المقاطع، فنحن الآن في العروض مطالبون أيضا بالقدرة على وضع حدود بين هذه التفعيلات وعند العجز فيجب التماس الحل في ما سمي بالجدع والبتر.

1-الجدع: هو افتراض وجود جزء من التفعيلة الأولى خارج السطر بحيث لا يظهر الا ما تبقى منها في بداية السطر، وعلى الإنسان التكهن به بناء على ما تبقى منها دون السقوط في مطبات وسط السطر الشعري تؤكد خطأه في ما تكهنه.

مثال ذلك من كتاب ” رفع الحجاب عن مغمور الثقافة والآداب مع صياغة لعروضي الأمازيغية والملحون، محمد المدلاوي المنبهي”

أ لباري والي ياكان ئ يغوليدن أمان

ئفك ئ ترݣا أجديݣ ئفك ئ طالب أوال

وهو وزن سيدي حمو الكبير

لاي لا لا لا لا لا لا لاي لا لاي دا لال

…لاي/ لا لا لا لا/ لا لا لاي/لا لاي دا/ لا لا…

ولعل القارئ يتذكر الان وزنا حمويا زائدا في البداية هو

لا لاي لا لا لا لا لا لا لاي لا لاي دا لال

2-البتر: يعني افتراض أن بقية التفعيلة الأخيرة مخروم الآخر ويلتمس خارج السطر الشعري بناء على بدايتها في آخر السطر.

اعتمد في هذا كذلك على ما سمي بالتصاقب العروضي والموسيقى. وضعت لذلك التفعيلات جنبا إلى جنب مع تنويطاتها الموسيقية في المدرج، بحيث ينظر الى مواقع الأزمنة القوية والمقاطع الثقيلة.

وضعت قواعد لتدوير التفعيلات وما يجوز في العادة أو لا يجوز كالتناوب والتكرار وغيره.

ان تنزيل هذا على الأوزان الشعرية مختلف الصعوبة فمنه ما ينصاع بسهولة ومنه ما يحتاج الى مجهود.

ليلاحظ الناس هذا الوزن الشهير أو الذي كان شهيرا ثم شح

لا لا لاي لا لاي لا لا لا داي لا لايل

أ ليعاون أ تارݣا ئيجيݣن تماخيرت

نݣا تايري غ ؤل زود نتا أد أغ ترواست

لا لا لاي/لا لاي لا/لا لا داي/ لا لاي لا

نلاحظ أن السطر انقسم بسهولة ونلاحظ نفس التفعيلتين المقرونة والمفروقة في تناوب، مع احترام قيد عدم تكرار التفعيلة لأكثر من مرتين وعدم توالي نفس التفعيلتين

مقرونة/مفروقة/مقرونة/مفروقة

وفي الوزن الأحوزي الصغير

لا لاي لا لا لا لاي لا لا لا دا لال

لا لاي لا/ لا لا لاي/ لا لا لا دا/ لال…

مفروقة/مقرونة/منصرفة/بتر

وفي وزن سيدي حمو الشقيق

لا لاي لا لا لا لاي لا لاي دا لال

لا لاي لا/ لا لا لاي/ لا لاي دا/ لال..

مفروقة/مقرونة/مفروقة/بتر

وفي وزن بوسالم

لا لا لاي لا لا لا لا لا لا لاي دا لايل

لا لا لاي/ لا لا لا لا/ لا لا لاي/ دا لاي لا

مقرونة/منصرفة/مقرونة/مفروقة

وفي شقيقه الأصغر

لا لاي لا/ لا لا لا لا/ لا دا لاي/ ل

مفروقة/منصرفة/مقرونة/بتر

وفي وزن سبعا الشهير:

لا لاي لا /لا لا لاي/ لا لا  لا لا/ لا لاد

مفروقة/مقرونة/منصرفة/بتر

لا لاي لا لاي لا /لا لاي لا لاي لا /لا لاي لا لاي لا

إن هذه التفعيلة المفروقة “لا لاي لا” وبالضبط تلك الحاملة للوتد ” دا” والتي اقتطفتها من أواخر بوسالم ” دا لايل= دا لاي لا بعد فك المقطع الأخير المركب” هي التي استعملتها بالتكرار الحر في أول قصيدة حرة في التاريخ الأمازيغي مع كل المقومات الأخرى كالحرف المجهور ومحسن أبلاض، ووافقني على ذلك شعراء ودارسو الشعر كالأستاذ عبد الرحمان واد الرحمة والأستاذ داود السوسي.

كان مطلع تلك القصيدة وأواسطها:

دا لاي لا/ دا لاي لا  

ݣار ئخف أ ݣار ئخف

ضوفا تن ئݣا وينخ ئݣا وينك ئݣا وينو

جرحن تن ئبوريين ئهول أنغ

……

ضوورغ س ؤضار ئنو ئݣوت لخلا دارنخ كا د ئقورن

ݣات أيس أݣور أ ؤر ئݣ ئماون ئݣ أ لالن ئݣ ئسافن

وحصلت بعد ذلك على تفعيلات أخرى من أوزان أخرى تخضع لهذه البنيات.

ژونات وا يايور تاݣلت أسفيو ئ لوقت

دا لاي لا لا لاي لا دا لاي لا لا لاي لا

دا لاي لا/ لا لاي لا/ دا لاي لا /لا لاي لا

وقد أخذته من الوزن الشهير أو الذي كان شهيرا

أمارݣ ؤر جو ݣيس نسكير أحايك

لا لاي لا لا لا دا لاي لا لا لايل

لكن أسئلة أخرى أعوص تدور حول تفاصيل هذه النظرية وسنواصل النبش فيها بحثا عن افاق للتكسير الصحيح، منها سؤال الجدوى و أثر ذلك على الموسيقى الأمازيغية كمحرك دفين وصراع التجديد فيها وردود فعل الفكر الشعري ببلادنا ومستقبل الكتابة والإبداع بلغة الزاي.
الأستاذ اسماعيل أبلق

اسماعيل أبلقمؤلف

Avatar for اسماعيل أبلق

ئلول غ تزنيت غ 15 شتنبر 1988، ئغرا غ تسداويت ابن زهر غ ؤكَادير، تاووري نس ئكَات ؤسّلمد، ئسهيمّا س ؤماركَ ن سوس د ؤفران نّس أر كَيس ئتّارا.

لا تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *