أعلام فنية خالدة (10):
الرايس محمد بويسمومين ..شاعر الأجيال .
تعرف منطقة مزوضة بسخائها الفياض في مجال الشعر الامازيغي ،وقد أمدت الساحة الفنية بلائحة طويلة من كبار شعراء أسايس و فناني ترويسا . وتروم هذه الحلقة من سلسلة أعلام فنية خالدة، من باب التكريم الرمزي والإعتراف لأهل الفضل في هذا المجال بجميل سخائهم لإثراء ريبرطوار الأغنية الأمازيغية تأليفا وأداء ، تسليط الصوء على الشاعر والرايس محمد بويسومين المزداد بقبيلة مزوضة سنة 1954 ، ولج الساحة الفنية في بداية سبعينيات القرن الماضي من خلال انخراطه في أحواش بمنطقة ولادته واحتكاكه بكبار إنضامن الذين اعترفوا له بقدرته العالية على النظم بكل سلاسة الشيء الذي شجعه على السير قدوما ومغادرة بلدته بحثا في تطوير قدراته ، فلازم روايس آخرين، وقام بجولات ليستقر به المطاف في مراكش في أواسط السبعبنيات ، الا أن اسمه سيبرز بقوة في الساحة الفنية إبان معركته المشهورة مع الحسين أمنتاك بعد أن انتدب هذا الأخير نفسه مدافعا عن الرايس الحاج محمد البنسير .
وقد خلفت هذه المرحلة – رغم مارافق ذلك من انتقادات ورفض لمثل هذا اللون من الأغاني في الاغنية الامازيغية – إرثا فنيا في باب شعر المتناقضات . وسيعرف محمد بوسيومين، دون منازع ،بزعيم تيار الهجاء في ترويسا ، وله في ذلك الكثير من الإنتاجات أداها بنفسه او أعدها للاخرين من الروايس وترويسين .
صحيح أن الرجل سليط اللسان وجزء كبير من انتاجاته يصنف في خانة شعر النقائض والهجاء واللوم الشديد ،إلا أن ذلك لا يخفى على الباحثين اسهاماته في شتى اغراض الشعر الامازيغي ، فله شعر الغزل والعاطفة ، وتطرق لمواضيع اجتماعية ودينية .
وتبرز مكانة بويسمومين في حقل ترويسا باعتبار حضوره القوي وتعامله مع كبار ترويسا بانتاجاته . فمؤخرا صرح مولاي العربي العدناني -واحد من اضرابن للفنان الحاج عمر واهروش – انه هو صاحب الاغنية (ءوا اللوز رواح اوا دار واتاي )المشهورة التي خلفها واهروش من انتاج بويسومين، مجموعة من اشرطة تحيحيت مقورن ، و رقية تلبنسيرت وتمتد اللائحة لتشمل العديد من مشاهير فناني نهاية السبعينات والثمانينات مرورا بالتسعينيات إلى زمننا هذا لايزال يؤلف للمشهورين والشباب ذكورا وإناثا . وهناك من اعترف له بالجميل وهناك من لازم الصمت ولم يرد عليه حين بدأ في فضح بعض الإسماء دلالة على أنه على حق ..
واعتفد أن سبب لجوئه إلى التصريح بنوع من التهكم أحيانا إلى الأحساس بالغبن والتهميش الذي أطاله لعقود فكان رده عنيفا ، فاضحا في كثير من خرجاته وإطلالاته في مواقع التواصل الاجتماعي .
قد نختلف أو نتفق معه في طريقة خروجه إعلاميا ولكن من باب الإنصاف وأمام ثقافة الجحود وغياب الإعتراف ، وسعيا وراء التوثيق السليم وحفظ الحقوق كان على الذين أخذوا عنه التصريح بذلك للامانة العلمية في زمن نسعى فيه جميعا الى صيانة أدبنا وتخليصه من كل الشوائب بعيدا عن التدليس والتزوير .
محمد بويسومين سيبقى علامة بارزة في تاريخ فن ترويسا رغم سيادة ثقافة عدم الاعتراف ،فالرجل شاعر استطاع ان يواكب بانتاجاته لخمسة عقود ونيف من الزمن ، وقدرته على مسايرة الأذواق باختلاف الألوان وتوالي الازمان وتعاقب والاجيال ، فيكفي هنا أن نذكر أنه لايزال في أوج عطائه إذ يمد المجموعات الغنائية،ويتعاون مع الروايس الشباب بنصوصه الشعرية في مختلف المواضيع والأغراض .
واحتفظ من دردشاتي مع المرحوم الشاعر والفنان والناقد احمد اتمراغت بتصنيفه للرايس بمويسموموين في طبقة الفحول شعريا ،اذ يعتبره -مع ثلاثة شعراء أخرين ولايزالون أحياء و تحملون اسم محمد ( بلفقيه، محمد امبارك اتنان ، محمد ابوزيا ) من أجود الروايس في تاريخ ترويسا ، كما أن الشاعر محمد بنضاج الذي نحث اسمه في مجال ترويسا من خلال تاليفه المستمر للعديد من الروايس يعترف انه استفاد في بداياته من جلساته لهذا الهرم الفني اللامع .
ذ. محمد أيت بنعلي.